حرية الانتقال–تقييدها – ضوابط ذلك
أعلت الدساتير المصرية المتعاقبة قدر الحرية الشخصية فاعتبرتها من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية، والتي لا يمكن فصلها عنها، ومنحتها بذلك الرعاية الأوفي والأشمل توكيداً لقيمتها، وبما لا إخلال فيه بالحق في تنظيمها، وأنه من المقرر، وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمتين الدستورية العليا والإدارية العليا، أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها يتعين دائما أن يكون بمقتضي مشروع، وأن تقييدها دون مسوغ مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها، ولقد احتفت الدساتير المصرية جميعها بالحقوق المتصلة بالحق في التنقل فنصت على حظر إلزام المواطن بالإقامة في مكان معين أو منعه من الإقامة في جهة معينة، إلا في الأحوال التي يبينها القانون، كما حظرت إبعاد المواطن عن البلاد أو حرمانه من العودة إليها، وأكدت على حق المواطن في الهجرة الدائمة أو الموقوتة، واعتباراً من تاريخ العمل بالدستور المعدل الصادر في يناير سنة 2014 لا يجوز منع مواطن من مغادرة الأراضى المصرية إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة،وفي الأحوال التى يبينها القانون، ومؤدى ذلك ولازمه أنه يُحظر قانوناً صدور مثل هذا الأمر بالمنع من السفر – سواء في ظل العمل بدستور 1971 أو الدستور الحالى – من غير مْن خولهم النص الدستورى الاختصاص بذلك، وإلا كان القرار الصادر بذلك هو والعدم سواء لمساسه بحق طبيعى وللافتئات على حكم الدستور الذى هو القاعدة القانونية الأسمى في المجتمع ،لا سيما أن المشرع الدستورى لم يترك أمر هذا الاختصاص – بعد أن خوله للقاضى المختص والنيابة العامة – مطلقاً عن التنظيم وإنما أوجب أن تكون ممارسته في الأحوال التى يبينها القانون.
(الطعن رقم 6807 لسنة 62 القضائية عليا بجلسة 27/1/2018)