تقديم طلب شراء عين التداعي للجهة وسداد الرسم الخاص بها يعد بمثابة اقراراً بعدم الملكية ونزولا عن التقادم المكسب للملكية
الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر به قانون أو قرار فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجهٍ مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة ، وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة بالفعل يجب أن يكون واضحاً لا يحتمل لبساً ، ومن ثم فمجرد سكوت الإدارة عن عملٍ يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يؤدى إلى زوال تخصيص هذا المال للمنفعة العامة .
التقدم بطلب شراء عين التداعي دليل علي النزول عن الملكية والتقادم المكسب
- مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هى أن يكون الحكم قد بنى على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت مادياً ببعض هذه الأوراق .
وحيث إن الوقائع ـــــــ على ما يبين من الحكـم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــــ تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفاتهم الدعوى رقم ٤٣٧ لسنة ٢٠١٦ مدني كلي المنصورة بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقار المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مع استنزال مساحة التداعي من ملكية الطاعنين وإجراء التغيير في بيانات السجل العيني ، وقال بياناً لذلك : إنه يضع يده على كامل أرض وبناء عقار التداعي وبالتالي توافرت له الشروط اللازمة لاكتساب ملكيتها ، إلا أن الطاعن الثاني بصفته تعرض له في تلك الأرض وطالبه بمقابل الانتفاع ومن ثم فقد أقام الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره حكمت بجلسة ٣٠/٥/٢٠١٩ برفض الدعوى . استأنف المطعون ضده ذلك الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم ٣١٣٣ لسنة ٧١ ق . أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق ، وبعد أن استمعت لشاهدي المطعون ضده قضت بتاريخ ١٧/٣/٢٠٢٠ بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بتثبيت ملكية المطعون ضده لعقار التداعي وكف منازعة الطاعنين الثلاثة الأول بصفاتهم للمطعون ضده في ملكيته لعقار التداعي مع إلزام الطاعن الأخير بصفته بإجراء التغييرات اللازمة في صحف السجل العيني باسم المطعون ضده . طعن الطاعنون بصفاتهم في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة ــــــ في غرفة مشورة ـــــ حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو في حكم سابق عليه لا يشمله الطعن ، وكان من المقرر- أن مفاد المادة الأولى والرابعة من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون برقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ المعدلتين بالقانونين رقمي ٥٠ لسنة ١٩٨١ ، ١٤٥ لسنة ١٩٨٨ أن لكل من وحدات الإدارة المحلية الشخصية الاعتبارية ويمثلها رئيسها أمام القضاء ولدى الغير ، وكانت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ قد ناطت بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها ـــــــ وفقاً لأحكام القانون ـــــــ المحافظة على أملاك الدولة العامة والخاصة وإدارتها وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها ، وكان النزاع المطروح يدور حول ملكية الدولة للعقارات محل التداعي ، فإن صاحب الصفة في تمثيلها يكون رئيس الوحدة المحلية لكفر سرنجة ـــــ الطاعن الثاني بصفته ـــــ لوقوعها في نطاق اختصاصه دون الطاعنين الأول والثالث بصفتيهما ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بكف منازعة الطاعنين الأول والثالث بصفتيهما للمطعون ضده في ملكيته لعقار التداعي رغم انتفاء صفتيهما ، وأن صاحب الصفة في الدعوى هو الطاعن الثاني بصفته فقط ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، مما يوجب نقضه في هذا الخصوص .
جرن روك الاهالي املاك دولة عامة لا يجوز اكتساب ملكيتها بالتقادم مهما طالت مدته
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد قضى بتثبيت ملكية المطعون ضده لأرض التداعي استناداً إلى أن المطعون ضده يضع يده على أرض التداعي خلفاً عن أسلافه ولم تخصص للمنفعة العامة رغم أنها مملوكة للدولة ــــــ جرن روك أهالي ـــــ ومخصصة للمنفعة العامة وفقاً لما أثبته الخبير المنتدب في الدعوى والكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية فلا يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إلا إذا توافرت شروط كسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل صدور القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ وهو ما لم يواجهه الحكم المطعون فيه ويقسطه حقه في البحث ودون أن يبين كيفية انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وتاريخه ، كما التفت الحكم المطعون فيه عن الطلب المقدم من والدة المطعون ضده لشراء عين التداعي وسداد الرسوم لذلك باعتبارها من أملاك الدولة وأثر ذلك كإقراراً منها بعدم ملكيتها ونزولاً عن التقادم المكسب للملكية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للنفع العام
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة إذ إنه من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها ثم يثبت بعد ذلك وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية وذلك قبل تعديل المادة ٩٧٠ من القانون المدني بمقتضى القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ ، وأن الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر به قانون أو قرار فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجهٍ مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة ، وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة بالفعل يجب أن يكون واضحاً لا يحتمل لبساً ، ومن ثم فمجرد سكوت الإدارة عن عملٍ يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يؤدى إلى زوال تخصيص هذا المال للمنفعة العامة ، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هى أن يكون الحكم قد بنى على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت مادياً ببعض هذه الأوراق ، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق والصورة الرسمية لتقرير الخبير ــــــ المرفقة بملف الطعن ـــــــ أن القطعة محل التداعي مكلفة بملك جرن روك أهالي طبقاً لشهادة السجل العيني بالمنصورة المؤرخة ٩/٥/٢٠١٧ والكشف الرسمي المستخرج من الضرائب العقارية بميت غمر والمحرر في ١٧ / ١٢ /٢٠١٥ أي أنها مخصصة للمنفعة العامة ، إلا أن الخبير لم يبين ما إذا كانت هذه الأرض تم إنهاء تخصيصها بالفعل ولم يقف على تاريخ إنهاء التخصيص إن كان ، وذلك قبل وضع يد المطعون ضده عليها أو مورثه من قبله حتى يمكن القول باكتمال مدة التقادم الطويل المكسب للملكية بعد انتهاء التخصيص بالفعل للمنفعة العامة وقبل العمل بأحكام القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق تقرير الخبيرـــــ رغم ما شابه من قصور وغموض ـــــ لمجرد القول أن المطعون ضده الأول وأسلافه من قبله يضعون يدهم على أرض النزاع لمدة خمسة عشر عاماً قبل العمل بأحكام القانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ وأن أرض التداعي من الأملاك الخاصة للدولة ورتب على ذلك قضاءه بتثبيت الملكية بالتقادم المكسب في حين أن مجرد وضع يدهم طوال تلك المدة بغير اعتراض أو منازعة من الطاعن الثاني بصفته لا يكفي كسبب لكسب الملكية أو للقول بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ اكتفي باعتماد تقرير الخبير في هذا الخصوص وأقوال شاهدي المطعون ضده دون أن يوضح تاريخ زوال تخصيص عين النزاع للمنفعة العامة رغم أنه المعول عليه كتاريخ لبدء احتساب هذا النوع من التقادم وكانت أسباب الحكم المطعون فيه لا تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها ولا تصلح رداً على ما تمسك به الطاعن الثاني بصفته من أن الأرض مملوكة للدولة ومخصصة للمنفعة العامة " كجرن روك أهالي " ، كما لم يواجه الحكم أثر الطلب المقدم من والدة المطعون ضده لشراء عين التداعي وسداد الرسوم لذلك باعتبارها من أملاك الدولة وبما يعد إقراراً منها بعدم ملكيتها ونزولاً عن التقادم المكسب للملكية ، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وقد جره ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
( الطعن رقم ٩٥٣٣ لسنة ٩٠ ق - جلسة ٢١ من مارس سنة ٢٠٢١ )