التدليل علي أفضلية الطاعن عن غيره ممن مد له الخدمة في الشرطة لا تثبت انحراف جهة الإدارة في قرار إنهاء الخدمة
استشهاد الطاعن بزملاء له من نفس دفعة تخرجه قد تم ترقيتهم إلى رتبة لواء عامل ويرى الطاعن أنه يفضلهم من حيث سيرته الوظيفية، والمكافآت التي منحت له، وعدد الجزاءات الحاصل عليها، مقارنة بسيرة زملائه الوظيفية الجزاءات الحاصلين عليها،فذلك مردود عليه، بثلاثة أمور:
أولهما ، أنه في مجال المفاضلة بين المتزاحمين على الترقية إلى رتبة لواء أو الاستمرار فيها لا يجوز إعمال مقارنة نظرية محضة بين عناصر بيان الحالة الوظيفية للضابط مقارنة بزملائه، بالبحث في الدورات التدريبية الحاصل عليها كل منهم، أو المكافآت التي منحت لهم،أو عدد ما قد يكون قد وقع على كل منهم من جزاءات، فعناصر الكفاية المتطلبة للجدارة في تبوء المناصب العليا بالمرفق الأمني أو الاستمرار فيها يجب أن تأخذ في الاعتبار كفاية الضابط وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله، جنبا إلى جنب ما يتسم به من سمات شخصية وقيادية، وما يتمتع به من رؤى أمنية، تقدر الجهة الإدارية المختصة (ممثلة في المجلس الأعلى للشرطة) اتساقها مع السياسة والرؤية الأمنية، وهذا المجلس بحكم تكوينه الرفيع واختصاصاته الجسام ينوء في هذا المقام بمهمة ثقيلة، يتحملها أمام الله، وأمام ضمائر أعضائه، وأمام الشعب، يوازن فيها بين الاعتبارات المختلفة، ويمارسها بقدر واسع من التقدير، ينأى عن مراقبة القضاء، ما دام قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو عيب قصدي يجب أن يقوم الدليل عليه، ولا يفترض بمجرد تفضيل بعض أقران الضابط وزملائه عليه.
وثانيهما –وفي خصوص الجزاءات التأديبية - لا يتأتى إعمال مقارنة نظرية محضة بين عدد ما قد يكون قد وقع على الضابط الطاعن من جزاءات وما وقع على زملائه المستشهد بهم؛ لأنه في مقام وزن الجزاءات بالقِسْطاسٌ المستقيم، لا يسوغ مجرد مقارنتها عددا أو كما، بل يجب أن يؤخذ في الاعتبار ما إن كانت المخالفات المنسوبة إلى الضابط تنم عن اعوجاج في السلوك، لا يستقيم معه العمل في الوظائف القيادية، أم مجرد زلات وهنات مما يقع فيها الإنسان بحكم ما جٌبل عليه من أنه خطاء بطبعه، ويرتدع ويرجع بالتوجيه تارة وبالعقاب تارة أخرى، وهذا مما يدخل في إطار السلطة التقديرية للمجلس الأعلى للشرطة.
والأمر الثالث، وفي خصوص المنازعة الماثلة، فإن المقارنة التي أجراها الحكم المطعون فيه بين الطاعن والمستشهد بهم بالتفصيل في أسباب الحكم المطعون فيه صحيحة،ومستقاة من بيان الحالة الوظيفة للطاعن المقدم من الجهة الإدارية أمام محكمة أول درجة بجلسة 26/10/2014 ، وليس كما ذكر الطاعن في تقرير طعنه بأن بعض الأفعال المنسوبة إليه القيام بها في أسباب الحكم المطعون فيه، لا تخصه،وأنها ترجع إلى تاريخ سابق على التحاقه بالخدمة(1978)، وكل ما ساقه الطاعن من مبررات للتدليل على صلاحيته للاستمرار في الخدمة استنادا إلى أفضليته على المستشهد بهم، ليس من شأنها أن تهدر كفاءتهم لشغل الوظائف القيادية، ولا تصلح سندا لإثبات عيب الانحراف في السلطة في عدم المد له في رتبة لواء،ومن ثم فإن هذه المحكمة تؤيد ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه في هذه المقارنة، وبذلك يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الامتناع عن مد خدمته بعد انتهائها بقوة القانون، للعمل بذات أقدميته، قد صدر سليماً ومُتفقاً وأحكام القانون.
الطعن رقم 16450 لسنة 61القضائية. عليا جلسة 25/3/2018