قضاء المحكمة الاقتصادية الاستئنافية بعدم قبول التظلم شكلاً - لرفعه بعد الميعاد - لا تستنفذ به ولايتها في الموضوع فإن المحكمة - وقد ألغت هذا الحكم - لا يكون لها أن تتصدى للفصل فيه
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون لقضائه بعدم قبول التظلم شكلاً لرفعه بعد الميعاد - الثمانية أيام التالية لإعلانها – في حين أن هناك قضاء ضمني سابقًا بقبوله شكلاً، وأنه في قبول الطعن بالنقض رقم ٢٨١١ لسنة 87 ق ما يلزم محكمة الموضوع بنظره لإقامته في المواعيد المقررة، كما أن الحكم المطعون فيه قد خلت مدوناته من بيان الوقائع واجراءات نظره قبل نقض الحكم، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن – المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة 269/2 من قانون المرافعات، أنه إذا نقض الحكم وأُحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم، فإنه يتحتم على المحكمة التي أُحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة التي قررتها هذه المحكمة، وأن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، وأن النص في المادة 17 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية في المواد المدنية على أنه يجوز لذي الشأن أن يعارض في مقدار الرسوم الصادر بها الأمر المشار إليه في المادة السابقة، وتحصل المعارضة أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم الكتاب في ثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان الأمر ... وفي المادة 18 من القانون ذاته المعدلة بالقانون رقم 66 سنة 1964 على أن تقدم المعارضة إلى المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير أو القاضي حسب الأحوال ... يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه إذا كانت المنازعة تدور حول مقدار الرسم الذي يصح اقتضاؤه فإن إقامتها تكون بالمعارضة في أمر التقدير، أما إذا كانت تدور حول أساس الالتزام بالرسم ومداه والوفاء به فإن رفعها إنما يكون بسلوك إجراءات المرافعات العادية، وبالتالي فإنه تطبق بشأنها قواعد الاختصاص القيمي والمحلى الواردة في قانون المرافعات باعتبار أنها دعوى براءة ذمة عادية، وتخرج في نظام رفعها والاختصاص بنظرها، وميعاد استئنافها، ومدى جوازه عن القواعد المنظمة للمعارضة في مقدار الرسوم الواردة بقانون الرسوم القضائية، وتخضع في كل ذلك للقواعد المقررة في قانون المرافعات، وأن الالتزام بحجية الأحكام من الأمور المتعلقة بالنظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز بالتالي إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بثبوت أن جميع عناصرها الواقعية التي تسمح بالوقوف عليها والإلمام بها كانت مطروحة أمام محكمة الموضوع وأن قوة الأمر المقضى كما ترد على منطوق الحكم ترد أيضًا على ما يكون من أسبابه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بهذا المنطوق، بحيث لا تقوم له قائمة بدونه؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة سبق وأن تظلمت من أمرى تقدير الرسوم محل التداعي – بذات الأسباب والطلبات في الدعوى الماثلة – وقضى في التظلم بتاريخ 19/7/2000 بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون، وإذ طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بموجب الطعن رقم ٢٨١١ لسنة 87 قضائية وبتاريخ 19/6/۲۰۱۹ قضى بنقض الحكم وأحالت الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية بدائرتها الاستئنافية لنظرها، تأسيسًا على أن المنازعة تدور حول أساس الالتزام بالرسم، وأنها سلكت الطريق المعتاد لرفع الدعوى، وكانت قوة الأمر المقضى تلحق بما ورد بأسبابه من تكييف للخصومة، ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تتقيد في النزاع الماثل بهذا التكييف، ويكون الفصل فيه بسلوك إجراءات التقاضي العادية بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى دون التقيد بالمواعيد والإجراءات الخاصة بالمعارضة في مقدار الرسم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إنه عن الموضوع، فإنه وإن كان متعينًا الفصل فيه إلا أنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه إذا وقف قضاء محكمة أول درجة عند حد الفصل فى الشكل فإنها لا تكون قد استنفدت ولايتها فى الموضوع، فإذا ألغى الحكم يجب فى هذه الحالة أن تعاد القضية إلى المحكمة مصدرة الحكم لنظر الموضوع حتى لا تفوت إحدى درجات التقاضى على الخصوم؛ وهو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي المصري، التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها، ولا يجوز للخصم النزول عنها؛ لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاقتصادية الاستئنافية بقضائها بعدم قبول التظلم شكلاً - لرفعه بعد الميعاد - قد وقفت عند حد الشكل فلا تكون قد استنفدت ولايتها في الموضوع، فإن المحكمة - وقد ألغت هذا الحكم - لا يكون لها أن تتصدى للفصل فيه، بل يكون عليها أن تعيد الدعوى إلى المحكمة الاقتصادية لنظره والفصل فيه.
أحكام النقض المدني - الطعن رقم 658 لسنة 90 ق - جلسة 26 / 12 / 2021