مبدأ الاقتصاد في الاجراءات مقتضاه تصدي محكمة الطعن للفصل في موضوع النزاع لأول مرة بالرغم من أن حكم محكمة اول درجة قضى بعدم قبول الطعن شكلا ولم يتصدى لبحث الموضوع
إن مفاد النصوص السابقة وفق ما انتهت إليه دائرة توحيد المبادئ أن المشرع حين أصدر القانون رقم 7 لسنة ۲۰۰۰ بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الخاصة كان ذلك بغرض التخفيف من عبء القضايا وكثرتها أمام جهات القضاء، فأسند إلى هذه اللجان إصدار التوصيات بحل تلك المنازعات، ونص على كيفية تشكيلها وحدد الإجراءات أمامها على نحو يكفل سرعة الفصل فيما يطرح عليها من طلبات، وحين نص المشرع في المادة التاسعة من القانون من هذا القانون على أن تصدر اللجنة توصيتها في المنازعة مع إشارة موجزة لأسبابها تثبت بمحضرها، وذلك في ميعاد لا يجاوز ستين يومًا من تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها إنما في حقيقته خطاب من المشرع إلى اللجنة أتبعه بقيامها بعرض خلال سبعة أيام من تاريخ صدورها على السلطة المختصة وعلى الطرف الآخر في النزاع، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يومًا التالية لحصول العرض قررت اللجنة إثبات ما تم الإتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها وتكون له قوة السند التنفيذي ويبلغ للسلطة المختصة لتنفيذه، فالخطاب موجه إلى اللجنة وليس لمقدم الطلب لتنظيم العمل داخل اللجنة حتى تصدر توصيتها في وقت مناسب وذلك تحقيقًا للغرض من إنشائها، وإذا كان القانون المشار إليه قد نص في مادته العاشرة على أنه في حالة عدم قبول طرفي النزاع لتوصية اللجنة خلال المدة المشار إليها في المادة التاسعة أو إنقضت هذه المدة دون أن يبدي الطرفان أو أحدهما رأيه بالقبول أو بالرفض أو لم تصدر اللجنة توصيتها خلال ميعاد الستين يومًا يكون لكل من طرفي النزاع اللجوء للمحكمة المختصة، فهذه المواعيد على ما يبين من سياق النصوص والغرض من إنشاء اللجنة وهي مواعيد تنظيمية لحسن قيام اللجنة بعملها خاصة أن اختصاص اللجنة يشمل المنازعات الإدارية والمدنية والتجارية على تفاوت إجراءات ومواعيد كل نوع من تلك الدعاوى، وآية القول بأنها مواعيد تنظيمية أن المشرع لم يرتب أثرًا أو جزاءً على عدم عرض التوصية خلال سبعة أيام من تاريخ صدورها هذا من ناحية، ومن ناحية أخری فإن النص بالمادة العاشرة كان صريحًا بحيث يكون لكل من طرفي النزاع اللجوء للمحكمة المختصة فجعلها بإرادة صاحب الشأن وليس بصيغة اللزوم، وكذلك التي تطرح على اللجنة يعلو في هذا الشأن ووصم القرارات الإدارية بالمشروعية هو الذي يؤدي بالضرورة لاستقرار المراكز القانونية على الوجه المقرر قانونًا، ومما تقدم فإن ميعاد الستين يومًا المقررة بالمادة التاسعة من القانون المشار إليه إنما هو ميعاد تنظيمي في خطاب من المشرع إلى اللجنة ويكون ميعاد رفع الدعوى طعنًا على القرارات الإدارية من تاريخ صدور توصية اللجنة بشان هذه القرارات.
( حكم المحكمة الإدارية العليا - دائرة توحيد المبادئ - في الطعن رقم 1233 لسنة ۳۸ ق.ع بجلسة 14/4/2007).
وحيث إن الثابت بالأوراق أن قرار الجزاء الطعين صدر بتاريخ 8/6/2014 وتظلم منه الطاعن بالتظلم رقم ۱۳۹۳ لسنة ۲۰14 بتاريخ 24/7/2014 ثم لجأ إلى لجنة التوفيق بتاریخ 8/9/2014 والتي أصدرت توصيتها بالرفض بتاريخ 25/9/2014 ثم أقام الطاعن طعنه التأديبي بإيداعه قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية في 1/10/2014، الأمر الذي يغدو معه الطعن التأديبی مقامًا في الميعاد المقرر قانونًا، وحيث إن الطعن قد إستوفی سائر أوضاعه الشكلية، مما يجعله مقبولاً شكلًا، وحيث إن الحكم الطعين لم يذهب لذلك فقد صدر معيبًا مخالفًا لصحيح حكم القانون، جدير بالإلغاء.
وحيث أن الطعن الماثل مهيأ بحالته للفصل فيه، فإن هذه المحكمة تتصدى لبحثه عملًا بمبدأ الإقتصاد في الإجراءات ومنعًا لإطالة أمد النزاع دون مسوغ، مما يقتضی بحث مدى مشروعية قرار الجزاء الطعين وقيامه على سببه المسوغ له قانونًا من عدمه.
الطعن رقم 7644 لسنة 62 ق عليا جلسة 18-7-2020