JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

الصفحة الرئيسية

كافة المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات العسكرية أصبحت من اختصاص اللجان القضائية بالقوات المسلحة




حسمت المحكمة الدستورية العليا اختصاص اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة وحدها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات والمعاهد العسكرية، مؤيدة إسناد ذلك الاختصاص إليها بموجب القرار بقانون 11 لسنة 2014 لا يخالف الدستور واكد علي ذلك حكم دائرة توحيد المبادئ المذكور فيما يلي 


اختصاص ولائي - كافة المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات العسكرية أصبحت من اختصاص اللجان القضائية بالقوات المسلحة

المقرر بقضاء المحكمة الإدارية العليا أن :-
أن كافة المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات العسكرية أصبحت من اختصاص اللجان القضائية المنصوص عليها في المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 دون غيرها. ولما كان النزاع الماثل يدور حول المطالبة بقيمة النفقات الدراسية والتكاليف التي تحملتها الكلية الجوية بعد استقالة ابن الطاعن من الكلية الجوية في 9/5/2006 فإن هذا النزاع يعد من قبيل المنازعات الإدارية لطلبة الكليات العسك
رية مما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة وينعقد الاختصاص بنظره للجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها بالمادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه. الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى الماثلة، وإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة للاختصاص بنظرها عملاً بحكم المادة 110 من قانون المرافعات

الطعن رقم 23706 لسنة 59 ق. عليا جلسة 5/9/2018

وفي هذا المقام نوضح أن :-

حكم دائرة توحيد المبادئ في هذا الشأن الصادر في الطعن رقم 16473 لسنة 60 القضائية (عليا) - جلسة 3/2/2018
ومن حيث إنه ولئن كان الغرض الذى حددته الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا من الإحالة الماثلة على هذا النحو غُير سديد إلا إن الثابت من استقراء وتتبع دائرة توحيد المبادئ للأحكام الصادرة من الدائرة السادسة سالفة الذكر فى شأن مدى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ولائياً بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية، وكذا القرارات الصادرة من مجالس هذه الكليات والمعاهد بفصل الطلاب لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن فى قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة ، المُعدّل بالقانون رقم 152 لسنة 2002 – الملغى بموجب نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 11 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 فى شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 5 مكرر فى 3/2/2014 والمعمول به من اليوم التالى لتاريخ نشره فى 4/2/2014 – الشاهد من استقراء تلك الأحكام أنها قد تباينت فى اتجاهاتها وأية ذلك ، فبالنسبة للمسألة الأولى وإن كانت جل هذه الأحكام الصادرة بعد العمل بالقانون 99 لسنة 1983 المٌعدّل بالقانون 152 لسنة 2002 – المشار إليه – قد عقدت الاختصاص الولائى بشأنها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى – دون غيرها– وذلك على نحو ما قضت به الدائرة السادسة بجلسة 25/2/2009 فى الطعن رقم (11560) لسنة 50 القضائية عُليا ، وبجلسة 8/7/2009 فى الطعن رقم (1251) لسنة 48 القضائية عُليا ، بينما ذهبت ذات الدائرة بأسباب حكمها الصادر بجلسة 23/3/2011 فى الطعن رقم (12220) لسنة 52 القضائية عُليا إلى أن مقتضى نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 بعد تعديله بالقانون 152 لسنة 2002 أن الاختصاص بكافة المنازعات الإدارية المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية بات معقوداً للجان ضباط القوات المسلحة ، وبشأن المسألة الأخرى المتعلقة بتحديد الجهة المختصة بالفصل فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بفصل هؤلاء الطلاب لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية فقد تفرقت إلى وجهتين كذلك ، إذ قضت الدائرة السادسة – سالفة الذكر – بجلسة 20/6/2007 فى الطعن (11945) لسنة 48 القضائية عُليا باختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بالفصل فى هذه المنازعات، وغايرت هذا الاتجاه بجلسة 23/3/2011 فى الطعن رقم (12220) لسنة 52 القضائية عُليا – سالف الذكر – وعقدت الاختصاص بالفصل فى هذه المنازعات للجان ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية – دون غيرها – وإذ خالفت هذه الأحكام بعضها بعضاً فى شأن المسألتين المشار إليهما ، فمن ثم يتوجب على هذه الهيئة أن تستنهض ولايتها وفقاً لنص المادة (54) مُكرراً، لإرساء مبدأ قانونى يحسم الخلاف حول مدى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ولائياً بهذه المنازعات وفقاً لصحيح حكم القانون، وهو ما يتحدد به نطاق هذا الحكم دون غيره مما ورد بقرار الإحالة سالف الذكر.
وفى هذا الشأن، فإن المادة (172) من الدستور الصادر عام 1971 – الملغى – كانت تنص على أن ” مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، يختص بالفصل فى المنازعات الإدارية، والتأديبية”.
ونصت المادة (190) من الدستور الحالى الصادر عام 2014 على أن “مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ………. ويُحدد القانون اختصاصاته الأخرى ” .
كما نصت المادة (202) من ذات الدستور على أن ” ………………. وتختص اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة، دون غيرها، بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة فى شأنهم، وينظم القانون قواعد وإجراءات الطعن فى قرارات هذه اللجان “.
وحيث إن المادة (1) من قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 96 لسنة 1971 فى شأن الطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة – الملغى بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 11 لسنة 2014 – كانت تنص على أن ” تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر فى المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التى تصدرها لجان الضباط بالقوات المسلحة ……. “
كما نصت المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة – المُعدّل بالقرار بقانون رقــــــــم 11 لسنــــــة 2014 سالف الذكـــر- على أن تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل فى المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوة عدا العقوبات الانضباطية وما تختص به لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وفقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 فى شأن الطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة “.
وبتاريخ 30/7/1983 صدر القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن فى قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحـــة ونصت المـــــادة (1) منه – قبل استبدالها بالقانون رقم 152 لسنة 2002 – على أن ” تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر فى المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع والتى تصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة “.
ونصت المادة (2) من ذات القانون على أن “يسرى على الطعن فى القرارات المشار إليها فى المادة السابقة ذات الأحكام والقواعد والإجراءات المقررة للطعن فى قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة “.

كما أنه وبتاريخ 13/6/2002 صدر القانون رقم 152 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 123 لسنة 1981 والقانون رقم 99 لسنة 1983بشأن قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة.

ونصت المادة الثانية من هذا القانون على أن:

” يستبدل بنص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة النص الآتي:-

مادة 1- وتختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تُصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة فيما عدا قرارات فصل الطلاب لسبب يتعلق باجتيازهم لما يُعقد لهم من اختبارات دراسية تتماثل في طبيعتها التعليمية مع أقرانهم طلاب الجامعات والمعاهد العليا.

كما تختص هذه اللجنة دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة.

وأخيراً فقد صدر بتاريخ 3/2/2014 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المُسلحة – والمُعدل بالقانون رقم 5 لسنة 2017 – ونص في المادة الثانية منه على أن ” يستبدل بنصوص المواد ارقام (1)، (2)، (3)، (5)، (8) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المُسلحة النصوص الآتية:

المادة (1)

تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية للضباط على النحو التالى :
اللجنة القضائية العليا لضباط القوات المسلحة.
اللجنة القضائية لضباط الجيش.

(ج ) اللجنة القضائية لضباط القوات البحرية.

( د ) اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية.

(هـ ) اللجنة القضائية لضباط قوات الدفاع الجوى.

( و) اللجنة القضائية لضباط قوات حرس الحدود.

المادة (2)

تُشكل اللجان القضائية المشار إليها على النحو الآتي:

………………………………………………………………………………………..

المادة (3) :

” تختص كل لجنة من اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها في البنود (ب، ج، د، هـ، و) من المادة (1) دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوة وطلبة الكليات والمعاهد العسكرية التابعين لها والمنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية”.

ونصت المادة الرابعة من ذات القرار بقانون على أن ” تُلغى الفقرة الأخيرة من البند (4) من المادة (138) من القانون 232 لسنة 1959 المشار إليه، كما يُلغى كل من القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليهما “.

ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة، أن تنظيم المشرع لمسألة الاختصاص بالمنازعات الإدارية لطلاب الكليات والمعاهد العسكرية وقبولهم بها، قد مر بثلاثة مراحل رئيسية في إبان العمل بدستور عام 1971 – وفى ظل الدستور القائم الصادر عام 2014، أولها: مرحلة سريان أحكام القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه وما سبقه من تشريعات، وفى هذه المرحلة أطلق المشرع للجان ضباط القوات المسلحـــــة المنعقدة بصفة هيئة قضائية – دون غيرها – الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الإدارية المُصدّق عليها من وزير الدفاع التى تُصدرها مجالس المعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المُسلحة في شأن هؤلاء الطلاب ، وثانيها: تلك التي بدأت مع سريان أحكام القانون رقم 152 لسنة 2002 سالف الذكر والذى أناط باللجان سالفة الذكر الاختصاص بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تُصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المُعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة فيما عدا قرارات فصل الطلاب لسبب يتعلق باجتيازهم لما يُعقد لهم من اختبارات دراسية تتماثل في طبيعتها التعليمية مع أقرانهم بالجامعات والمعاهد العُليا، كما أناط بهذه اللجان الفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية المُعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة، وبدأت المرحلة الثالثة والأخيرة لدى العمل بأحكام القرار بقانون رقم 11 لسنة 2014 وفيها قصر المشرع الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات والمعاهد العسكرية وكذلك المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول على اللجان سالفة الذكر وحدها دون غيرها .

وحيث إنه خلال المراحل المختلفة المشار إليها ، فقد أقيمت منازعات إدارية حول مدى مشروعية بعض القرارات الصادرة من مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية ومن مجالس هذه الكليات والمعاهد ، عُرضت على مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى، وأحيل بعضها إلى المحكمة الدستورية الُعليا لما أثير حول شبهة عدم دستورية بعض النصوص المُنظمة لقواعد الاختصاص لشبهة عدم الدستورية، وارتكنت المناعى الموجهة ضد بعض النصوص – فيما يتعلق بتحديد جهة الاختصاص الولائى – على خروجها على نصوص الدستور القائم في كل مرحلة من هذه المراحل بدعوى إخلالها بمبدأي مساواة المواطنين أمام القانون، وخضوع الدولة للقانون، وتعطيلها لحق التقاضى، وقد صدر بشأن هذه الأنزعة أحكام متباينة من جهتى القضاء الدستورى من جانب والقضاء الإدارى من جانب آخر وذلك على النحو التالى:-

فمن جهة القضاء الدستورى، فقد حكمت المحكمة الدستورية العليا – في ظل العمل بأحكام دستور عام 1971 – بجلسة 9/9/2000 في القضية المقيدة بجدولها برقم 224 لسنة 19 ق دستورية، بعدم دستورية نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 فيما تضمنه من إطلاق اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس المعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة في شأن الطلاب المقيدين بها .

وقد أقامت المحكمة الدستورية العليا حكمها سالف الذكر على ما هو حاصلة أن الأنزعة الإدارية فيما يصدر في شأن طلاب المعاهد العسكرية من قرارات إدارية سواء ما اتصل منها بتحصيلهم الدراسى، أو ما تعلق باجتيازهم لما يعقد لهم من اختبارات، إنما تتماثل في طبيعتها وتتحد في جوهرها مع المنازعات الخاصة بأقرانهم طلاب الجامعات والمعاهد العليا التابعة لوزارة التعليم أو الخاضعة لإشرافها فهى صنوها، والدارسة هي لبها ومحورها جميعاً ، وهؤلاء وأولئك يدعون فيها بصفة واحدة بكونهم طلاباً ، وكان يلزم إعمالاً للأصل المقرر بنص المادة 172 من الدستور أن ينعقد الاختصاص بنظرها جميعاً – دون تفرقة – لمحاكم مجلس الدولة باعتباره قاضيها الطبيعى، إذ كان ذلك فإن النص الطعين إذ أفرد المنازعات المتعلقة بطلاب المعاهد العسكرية بنظام قضائى خاص يشذ عن نظام التداعى الأصلى في شأن المنازعات الإدارية قاطبة ، منحياً ما بين هذه النظائر– المتحدة معطياتها – من توافق، مفترضاً تخالفها فيما بينها، إنما يخل بما يتعين قيامه من قواعد موحدة في شأنها عامة ، ويخص هذا الفريق من الطلاب – دون جموعهم – بالتنظيم المطعون فيه، مع أنهم – في عمومهم – إزاء حق التقاضى فيما ينشأ عن دراستهم من أنزعة ، ذوو مراكز قانونية متماثلة .

وحيث إن ما تغياه المشرع – بالنص الطعين – من توحيد القواعد التي تسرى على الطعن فى القرارات الإدارية الصادرة في القوات المسلحة ، لا يقوم دليلاً على أن واقعاً قائماً ، بات ضرورة ملجئة، أوجبت – تحقيقاً للصالح العام – انتزاع الاختصاص بنظر المنازعات التي عناها من مجلس الدولة المعقود له أصلاً ولاية القضاء فيها باعتباره قاضيها الطبيعى وإسناده استثناء إلى اللجنة المشار إليها ، خاصة وأن طلاب المعاهد العسكرية لا يندرجون قبل تخرجهم منها ضمن الضباط العاملين في القوات المسلحة ، بما مؤداه أن أنزعتهم الإدارية إنما تزايلها وتنفك عنها تلك الطبيعة الخاصة التي أملت أن تختص تلك اللجنة – دون غيرها – بنظر منازعات أولئك الضباط في القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم الوظيفية والانضباطية ، ومن ثم فإن قياس أولاهما على أخراهما هو قياس في غير محله .

كما قضت ذات المحكمة ، بجلسة 4/8/2001 فى القضية رقم 89 لسنة 21 قضائية دستورية بأن تطبيقاً للمادة 183 من الدستور التى فُوَّض بمقتضاها المشرع فى تنظيم القضاء العسكرى وبيان اختصاصاته، طالما كان ذلك فى حدود المبادئ الواردة فى الدستور، وعلى الأخص ما تعلق منها بمبدأ المساواة ، وخضوع الدولة للقانون ، وكفالة حق التقاضى وحصانته واستقلال السلطة القضائية بسائر هيئاتها، ومن بينها مجلس الدولة بوصفه قاضى القانون العام وإذ كان إسناد هذا الاختصاص إلى تلك اللجنة غير مجاوز حدود التفويض الدستورى المشار إليه، فإن النص الطعين لا يكون مخالفاً للدستور فى هذا النطاق ، وهو ما ينطبق فى مجال إعماله على الطلاب المقيدين بالكليات العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة سواء بسواء، يعزز ما تقدم ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ، من أن الدستور لا يحول دون أن يعهد المشرع بالفصل فى الدعوى التأديبية فى مجال العمل القضائى، إلى هيئة ذات اختصاص قضائى ، ويصدق ذلك على المنازعات الإدارية التى تنشأ عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التى تصدرها مجالس الكليات العسكرية، نظراً لطبيعة الأوضاع بالقوات المسلحة ، وملاءمة وضع المنازعات الإدارية الخاصة بالشئون الانضباطية للطلاب المقيدين بهذه الكليات بيد أسرتهم العسكرية بحكم بصرها بدقائق هذه الشئون ، وإحاطتها بخباياها ، ومن ثم يغدو النص الطعين (وهو ذات نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه والذى عقد للجنة ضباط القوات المسلحة بصفة هيئة قضائية الاختصاص بالمنازعــــات الإداريـــة الناشئــــــة عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التى تُصدرها مجالس الكليات العسكرية) غير مخالف لأحكام الدستور، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى .

كما قضت ذات المحكمة بجلسة 7/5/2006 فى القضية المقيدة بجدولها برقم 199 لسنة 25 قضائية دستورية فى شأن الفقرة الأخيرة – سالفة الذكر – من المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المستبدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2002 سالفة الذكر(المُحالة إليها بقرار الإحالة الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلستها المنعقدة فى 27/5/2003 فى الدعوى رقم 9842 لسنة 54 ق ) برفض دعوى عدم دستورية هذا النص.

وأقامت المحكمة قضاءها على أن مفاد نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المستبدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2002 – سالفة الذكر – أن لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية تختص – دون غيرها – كأصل عام بالفصل فى كافة المنازعات الإداريــــــة التى تنشأ عن القرارات النهائية الصادرة من مجالس الكليات والمعاهد العسكرية، واستثناء من هذا الأصل العام ،أخرج المشرع طائفة محددة من تلك القرارات من اختصاص تلك اللجنة ،وهى القرارات الصادرة بفصل الطلاب من الكليات والمعاهد العسكرية التى يكون سببها متعلقاً باجتيازهم الاختبارات الدراسية التى تتماثل في طبيعتها التعليمية مع طلاب الجامعات و المعاهد العليا تحقيقاً للمساواة بين الطائفتين باعتبارهمــــا متماثلين من هــــذه الزاوية ،وأنه اتساقاً مع طبيعة الأوضاع في القوات المسلحة ،والتى تستلزم انتقاء أفضل العناصر التى تتوافر فيها الشروط اللازمة للقبول بالكليات والمعاهد العسكرية وإعمال مقومات التفضيل الواردة بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 152 لسنة 2002 المشار إليه والتى تتصل بصلاحية الطالب للحياة العسكرية من النواحى الطبية والنفسية والسمات الشخصية والتناسق والشكل العام والوعى القومى ،فقد ناط نص الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 سالف الذكر بلجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات النهائية الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية ،وإذ كفل النص الطعين لذوى الشأن حق الطعن أمام تلك اللجنة فيما يصدره ذلك المكتب من قرارات ،فإن ما ينعاه حكم الإحالة على النص المذكور من مساس بحق التقاضى يكون قائماً على غير أساس .

وأضافت المحكمة إن النص الطعين لا يخالف كذلك مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، إذ أن الطلاب المتقدمين إلى الكليات والمعاهد العسكرية لا يعدون في مركز قانونى متماثل للمركز القانونى للطلاب المتقدمين إلى الجامعات والمعاهد العليا ،ذلك أنهم وإن تساووا جميعاً في شرط الحصول على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ،إلا أن أمر قبول طلاب الفئة الأولى منوط بتوافر الشروط اللازمة في طالبى الالتحاق بكل كلية أو معهد عسكرى وإجراء اختبارات قبولهم الطبية والنفسية والعسكرية واجتيازهم إياها ،أما غيرهم من المتقدمين إلى الجامعات والمعاهد العليا فيتم ترشيحهم للقبول بها وفقاً لمجموع الدرجات الحاصلين عليها ،مع توقيع كشف طبى عليهم للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية وصلاحيتهم لمتابعة الدراسة المتقدمين إليها ،كما إن إسناد الفصل في المنازعات التى قد تنشأ عن القـــرارات النهائيــــة التى تصدر عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية ،يجد سنده فيما يتوافر في أعضاء هذه اللجنة ،والتى تتكون من قادة أفرع القوات المسلحة منضماً إليها مدير إدارة القضاء العسكرى،من معرفة ودراية بطبيعة الدراسة في الكليات والمعاهد العسكرية وما تستلزمه من ضرورة توافر شروط خاصة طبية وبدنية ونفسية في الطلاب المتقدمين للالتحاق بتلك الكليات والمعاهد ،ومن ثم فإن هذه اللجنة تكون هى الأقدر على تفهم طبيعة المنازعة المعروضة عليها ،وتقرير ملائمة القرار الصادر من مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية في ضوء معايير القبول التى تقررها القيادة العامة للقوات المسلحة .

وأخيراً وفى ظل العمل بالدستور الحالى الصادر عام 2014 قضت المحكمة الدستورية بجلسة 6/5/2017 في القضية رقم 168 لسنة 36 قضائية دستورية برفض الدعوى الدستورية المُقامة طعناً على عجُز المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 والذى وسد للجان القضائية لضباط القوات المسلحة الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية،وأقامت المحكمة على ما هو حاصله أن هؤلاء الطلبة يعدون من أفراد القوات المسلحة ،وعلى ذلك فإن المنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بهذه الكليات التى عقد عجُز المادة (3) سالفة الذكر الاختصاص بالفصل فيها للجان القضائية لضباط القوات المسلحة بمقتضى الصلاحيات التى أوكلها نص المادة (184) من الدستور للقانون في توزيع الاختصاصات بين المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها وفى الحدود التى عينها الدستور لكل منها شاملة تلك التى تتصل بالقبول بها في ضوء انتقاء أفضل العناصر التى تتوافر لها الشروط اللازمة للقبول ،وإعمال مقومات التفضيل التى تتصل بصلاحيتهم للحياة العسكرية ،تُعد من المنازعات الإدارية المتعلقة بشأن من شئونهم ،لارتباطها بالصلاحية لاكتساب هذا المركز القانونى ، والانخراط في الخدمة العسكرية ،وتؤثر فيـــه ، ولو كانت مقدمة من غيرهم ،وذلك لكونها تعتبر في حقيقتها منازعة في المركز القـــــانونى لأحد أفراد القوات المسلحة وتتعلق بشئونهم ،وهو المعيار الذى اعتد به الدستور في تحديد المنازعات التى ينعقد لتلك اللجان الاختصاص بنظرها والفصل فيها ، بوصفهـــا قاضيها الطبيعى ،لا ينُازعها في ذلك جهة قضاء أخرى ،ليغدو النص المطعون فيه ،وقد التزم هـــــذه الضوابط ،غير مُصادم لأحكام المواد ( 202،190،184،97 ) من الدستور ،كما لا يخالف أى نص آخر فيه .

أما من جهة قضاء المحكمة الإدارية العُليا ،فإن أحكامها في شأن تحديد الجهة المختصة ولائياً بالفصل في المنازعات الخاصة بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة من مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة ،والمنازعات الخاصة بالقرارات الصادرة من مجالس هذه الكليات والمعاهد بفصل الطلاب لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية ،فبالنسبة للمسألة الأولى وإن كان جل هذه الأحكام عقد الاختصاص الولائى بشأنها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى – دون غيرها – وذلك على نحو ما قضت به الدائرة السادسة بجلسة 15/5/1994 فى الطعن رقم (4507) لسنة 39 القضائية عُليا ،وبجلسة 25/2/ 2009فى الطعن رقم (11560) لسنة 50 القضائية عُليا ،وبجلسة 8/7/2009 فى الطعن رقم (1251) لسنة 48 القضائية عُليا ،بينما ذهبت ذات الدائرة بأسباب حكمها الصادر بجلسة 23/3/2011 فى الطعن رقم (12220) لسنة 52 القضائية عُليا إلى أن مقتضى نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 بعد تعديله بالقانون 152 لسنة 2002 أن الاختصاص بكافة المنازعات الإدارية المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية بات معقوداً للجان ضباط القوات المسلحة ،وبشأن المسألة الأخرى المتعلقة بتحديد الجهة المختصة بالفصل في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بفصل هؤلاء الطلاب لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية فقد تفرقت إلى وجهتين كذلك ،إذ قضت الدائرة السادسة – سالفة الذكر – بجلسة 20/6/2007 في الطعن (11945) لسنة 48 القضائية عُليا باختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بالفصل في هذه المنازعات، وغايرت هذا الاتجاه بجلسة 23/3/2011 في الطعن رقم (12220) لسنة 52 القضائية عُليا – المشار إليه – والذى قضت فيه باختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية – دون غيرها – بالفصل في هذه المنازعات .

ومن حيث إنه بشأن أثر حُجية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ،فقد جرى قضاءها على أن حُجية قضاء المحكمة الدستورية العليا تنصرف إلى من كان طرفاً في الخصومة وإلى الأغيار والدولة كافة فالخصومة في الدعوى الدستورية عينية محلها النصوص التشريعية وقضاء المحكمة بشأنها كاشف لحقيقة إتفاقها أو اختلافها مع الدستور ،وهذه الحُجية تمتد إلى الدولة وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة ،وتحول دون المجادلة فيها أو السعى لنقضها من خلال إعادة طرح ما قضى فيه .

( في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن القضية رقم 57 لسنة 4 قضائية دستورية بجلسة 6/2/1993 ).

كما وافق قضاء هذه المحكمة قضاء الدستورية المشار إليه ،بأن جرى على أن الأحكام الصادرة في الدعوى الدستورية تحوز حُجية مطلقة وتعد قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً أو تأويلاً من أية جهة ،ولا تقتصر حجيتها على أطراف الدعوى الدستورية بل تمتد إلى الجميع وإلى جميع سلطات الدولة بفروعها وتنظيماتها المختلفة بما في ذلك المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها.

( فى هذا المعنى حكم هذه الدائرة الصادر بجلسة 1/3/2014 فى الطعن رقم 5371 لسنة 47 القضائية عُليا )

وبشأن تفسير النصوص القانونية ،فإن من المبادئ العامة المسلمة بها في تفسير أحكام القانون عدم الانحراف عن صريح عبارة النص أو تفسيره على نحو يتعارض مع عباراته الواضحة الصريحة القاطعة الدلالة على المقصود منها إلى معان أخرى وإلا كان ذلك افتئاتاً على إرادة المشرع وإحلالاً لإرادة المفسر قاضياً كان أو غيره محل السلطـــــة التشريعيــــة دون سند من الدستور أو القانون إذ لا اجتهاد مع صراحة النص التشريعى وقطعية دلالته على ما تقصده السلطة التشريعية من تقريره .

(في هذا المعنى الحكم الصادرة من هذه الدائرة بجلسة 21/4/1991 في الطعن رقم (2382) لسنة 32 القضائية عُليا )

وتطبيقاً لما ما تقدم ،ولما كان مقطع النزاع في الطعن الماثل – وتبعاً للنطاق الذى حددته هذه المحكمة بصدر الحكم – يدور حول تحديد الجهة المختصة ولائياً بالفصل في المنازعات في القرارات الإدارية النهائية الصادرة من مكتب تنسيق القبول بالكليات العسكرية والمعاهد المُعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة ،وتلك الخاصه بالمنازعات في القرارات النهائية الصادرة من مجالس هذه الكليات والمعاهد بفصل هؤلاء الطلاب لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية في ضوء تباين الأحكام الصادرة من الدائرة السادسة في هاتين المسألتين في المرحلة التالية لتعديل المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 بالقانون رقم 152 لسنة 2002 .

وحيث إنه عن الجهة المختصة بالمسألة الأولى :-

فإنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 7/5/2006 في القضية المقيدة بجدولها برقم 199 لسنة 25 قضائية دستورية – سالف الذكر- برفض دعوى عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المستبدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2002 والتى أوكلت للجان ضباط القوات المسلحة الاختصاص – دون غيرها – بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية الصادرة عن مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة ،وذلك في ظل العمل بأحكام دستور عام 1971 الملغى ،كما قضت كذلك بحكمها المشار إليه الصادر بجلسة 6/5/2017 – وفى ظل العمل بالدستور الحالى الصادر عام 2014 – في القضية رقم 168 لسنة 36 قضائية دستورية برفض الدعوى الدستورية المُقامة طعناً في دستورية عجُز المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 والذى وسد المشرع بموجبها للجان سالفة الذكر الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية ،فمن ثم ولما كانت حُجية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا حُجية مطلقة وتعد قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً أو تأويلاً من أية جهة ،ولا تقتصر حجيتها على أطراف الدعوى الدستورية بل تمتد إلى الجميع وإلى جميع سلطات الدولة بفروعها وتنظيماتها المختلفة بما في ذلك المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ،فإن مقتضى إعمال حُجية هذين الحكمين تحول ومعاودة المساجلة والمماراة حول ما حُسم الأمر بشأنه دستورياً ،ويتعين على جميع المحاكم الالتزام بإعمال آثار هذه الحُجية ومقتضاها على كافة المنازعات التى تُعرض عليها، ويكون ذلك بالأحرى والأولى بالإتباع من جانب المحكمة الإدارية العليا بحسبانها – وُبما وُسد لها من اختصاص – القّوامة على إنزال حكم القانون وإرساء مبادئه وقواعده بما لا مُعقب عليها في ذلك،وتستوى على القمة في مدارج التنظيم القضائى لمجلس الدولة،وبأحكامها تهتدى بها جميع المحاكم الأدنى منها درجة بحسب الترتيب القضائى وتتخذ منها نبراساً وملاذاً، وعليه فعملاً بحكم النصين المشـــار إليهما وقضــــاء المحكمـــــة الدستوريــــة بشأنهما ، ينحسر الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بالفصل في المنازعات في القرارات الإدارية النهائية الصادرة من مكتب تنسيق القبول بالكليات العسكرية والمعاهد المُعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة وينعقد للجان ضباط القوات المُسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها وهو ما تقضى به المحكمة .

وحيث إنه عن الجهة المختصة بالمسألة الثانية :-

فإنه لما كانت عبارات الفقرة الأولى من المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المستبدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2002 – المشار إليها – قد جاءت جلية فى معانيها قاطعة فى دلالتها

على اختصاص لجان ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التى تُصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة فيما عدا قرارات فصل الطلاب لسبب يتعلق باجتيازهم لما يُعقد لهم من اختبارات دراسية تتماثل فى طبيعتها التعليمية مع أقرانهم طلاب الجامعات والمعاهد العليا ،وأنه لا اجتهاد مع وضوح النص ،كما أنه مما لا ريب فيه أن فصل طالب الكلية العسكرية أو المعهد المُعد لتخريج ضابط القوات المسلحة بسبب عدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية – ومن التسمية ذاتها – لا يتعلق باجتيازه اختبارات دراسية تتماثل فى طبيعتها التعليمية مع أقرانه بالجامعات والمعاهد العليا ،إذ يتعلق هذا السبب بصلاحية الطالب بدنياً وصحياً لمواصلة الدراسة فى هذا المجال العسكرى المؤهل للالتحاق بالخدمة العسكرية كضابط عامل بالقوات المسلحة ،وهو ما يقتضى توافر كفاءة بدنية وصحية فى هذا الطالب ذات طبيعة خاصة قد تفوق تلك المتطلبة بأقرانه بالجامعات والمعاهد العليا المشار إليها نظراً لاختلاف الدور المنوط بالفئتين مستقبلاً والتأهيل اللازم توافره لأداء هذا الدور هذا من جانب ، كما أنه وفى مرحلة تالية ،و لاعتبارات قدرها المشرع أناط بهذه اللجان دون غيرها الاختصاص بالفصل فى جميع المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات والمعاهد العسكرية وذلك بموجب حكم المادة (3) من القرار بقانون رقم 11 لسنة 2014 المشار إليه، وأنه ما دام هذا التشريع قائماً ولم يُعدّل أو يُلغى بالطريق الذى رسمه المشرع وحدد خُطاه فمن ثم يجب على المحكمة إعمال مقتضاه دون إهمال أو إغفال ،بل ولا يجوز لها الامتناع عن تطبيق هذا النص تحت أى ذريعة ،فالمحاكم تُصدر أحكامها وفقاً للقانون ووظيفتها تطبيقه لا تعطيله على النحو الذى حدده الدستور الحالى بالمادة (184) من الدستور القائم والمقابلة للمادة (165) من الدستور الملغى الصادر عام 1971 ،فالمحاكم وإن جاز لها انتقاد نص تشريع بُغية دعوة المشرع للأخذ بالأحسن منه – فى تقديرها – تحقيقاً لحُسن سير العدالة بيد أنه لا يجوز لها بحال من الأحوال وتحت أى ذريعة أن تمتنع عن إعمال حكمه ما دام قائماً ،فمن ثم تضحى هذه اللجان – دون غيرها – صاحبة الاختصاص بالفصل فى هذه المنازعات وهو ما تقضى به المحكمة وتحسم على أساسه المسألة القانونية المعروضة عليها.

……………………………………………………………………………………………

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن نص المادة (54) مُكرراً المشار إليه كما يجيز للدائرة المنصوص عليها فيه أن تقتصر في حكمها الذى تصدره بعد اتصالها بالطعن على البت في المسألــــة القانونيــــة التى كانت محلا لتناقض الأحكام أو إقرار مبدأ قانونى على خلاف أحكام سابقة ثم تحيل الطعن بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل في موضوعه وفقاً للمبدأ الذى أرسته بحكمها وذلك على النحو الذى اطرد عليه قضاء هذه الدائرة،فإن هذا النص أيضاً لا يحول بين هذه الهيئة والفصل في الطعـــن الذى اتصلت به بقرار الإحالة بحكم منه للنزاع دون الوقوف عند القضاء بالمبدأ القانونى الذى يطعن على هذا النزاع ، ما دام أن الطعن قد استقامت عناصره وكان صالحاً للفصل فيه .

( في هذا المعنى الحكم الصادر من هذه الدائرة بجلسة 3/6/1990 في الطعن رقم 3564 لسنة 32 القضائية عُليا ،وبجلسة 21/4/1991 في الطعن رقم 2382 لسنة 32 القضائية عُليا،وحكمها الصادر بجلسة 1/3/2014 في الطعن رقم 5371 لسنة 47 القضائية عُليا )

ولما كان الطعن الماثل صالحاً للفصل فيه على ضوء المبدأ الذى أرسته هذه المحكمة آنف البيان.

ولما كان من المستقر عليه أن بحث مدى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولائياً يسبق بحث الشكل والموضوع بحسبان أن قواعد الاختصاص من النظام العام وتتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصوم .

فإنه ونزولاً على هدى ما تقدم ،ولما كان الثابت من عيون الأوراق أن نجل الطاعن بصفته التحق بالكلية الحربية بتاريخ 13/11/2011 ضمن أقرانه الطلبة المستجدين بالدفعة (108) حربية ،وبتاريخ 7/4/2012 عُرض على مستشفى الكلية الحربية على أثر انزلاق السلاح من يديه أثناء التدريبات حيث تم تشخيص حالته بزيادة شديدة لإفراز العرق باليدين،وبالعرض على قسم الجلدية بمستشفى كوبرى القبة وحجزه وعمل التحاليل اللازمة تم تشخيص حالته بالتشخيص المشار إليه ،وظل يتردد ما بين مستشفى الكلية ومستشفى كوبرى القبة وبتاريخ 1/10/2012 أوصت المستشفى الأخيرة بعرضه على المجلس الطبى العسكرى (لجنة جلدية) لتقرير مدى لياقته للخدمة العسكرية والاستمرار فى الكلية من عدمه ،وبجلسة 8/10/2012 عُرض على المجلس سالف الذكر والذى قرر أنه غير لائق للخدمة العسكرية للظرف المرضى آنف البيان، وبناءً على ذلك قرر مجلس الكلية بتاريخ 24/10/2012 بفصله لعدم اللياقة الطبية ،وهو ما صدر به القرار المطعون فيه فى 2/12/2012 ،ولما كانت المنازعة الماثلة منازعة إدارية فى قرار نهائى صادر مجلس الكلية المطعون ضدها بفصل نجل الطاعن بصفته لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية ،فمن ثم ينحسر الاختصاص بنظرها عن نطاق الاختصاص الولائى لمجلس الدولة ،وينعقد للجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وهو ما يتعين القضاء به .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون مستوجباً الإلغاء والقضاء مجدداً بعــــــدم اختصاص المحكمـــة ولائياً بنظــــــر الدعوى ،وإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للاختصاص .
الاسمبريد إلكترونيرسالة

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة