البناء على الأرض الزراعية بدون ترخيص يخضع لأحكام قانون الزراعة وليس لقانون البناء الموحد
لكل من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 وقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 في شأن إزالة الأعمال المخالفة لأحكام كل منهما مجال إعماله وتطبيقه بغير تداخل أو تصادم بين أحكام كل منهما ، ولما كان المشرع قد وضع تنظيماً خاصاً لإزالة الأعمال المخالفة لأحكام كل من القانونين ، فإنه يتعين قانوناً التزام جادة تطبيق أحكام كل منهما بمُراعاة المجال المُحدد لتطبيقها ، ولا يصح القول بتداخل أحكامهما
المبدأ:-
إزالة البناء علي الأرض الزراعية وفقا لأحكام قانون الزراعة
الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قام بارتكاب مخالفة البناء ـ محل القرار ـ دون ترخيص بإقامتها من الجهة المختصة على أرض زراعية، إلا أن قرار إزالة هذه الأعمال المخالفة قد صدر من محافظ المنوفية وفقاً لأحكام قانون الزراعة رقم 53لسنة1966 وتعديلاته وقانون البناء رقم 119لسنة2008 حال أن الأعمال محل المخالفة تعد تعدياً بالبناء على أرض زراعية وتخضع في جميع الأحوال لقانون الزراعة المشار إليه، وما كان يجوز لجهة الإدارة الجمع بين القانونين لما هو مقرر من أن لكل قانون مجال إعماله ونطاقه الذي يدور في فلكه في هذا الخصوص، مما مؤداه أن إسناد سلطة إصدار قرار الإزالة المطعون فيه طبقاً لقانون البناء قد جاء على خلاف الواقع والقانون بحسبان القرار الطعين يحكمه قانون الزراعة دون قانون البناء ذلك أن الأعمال التي تشكلت منها المخالفة تتمثل في التعدي بالبناء على أرض زراعيه حسبما أفصح عن ذلك القرار المطعون فيه والذي يدور الاختصاص بإزالة التعدي عليها بين الْمحْكَمَة الجنائية ووزير الزراعة بحسب الأحوال.
الطعن رقم 37311 لسنة 60 ق. عليا جلسة 21/11/2018
الحكم كاملا :-البناء على الأرض الزراعية بدون ترخيص يحكمه قانون الزراعة
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون ضده كان قد أقامَ الدَّعْوَى رقم 6232لسنة13ق بتاريخ 19/1/2012 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرارات رقم 1825لسنة2011 الصادر من محافظ المنوفية فيما تضمنه من إزالة قواعد خرسانية على أرض زراعية بدون ترخيص طبقاً للقانون 119لسنة2008 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات على سند من القول مخالفة القرار للقانون لكون البناء قديم وأنها أعمال ترميم لما تهدم من حظيرة مواشي فقام بإعادة بنائها وأن المحافظ غير مختص بإزالة أعمال المخالفة وأن الْمحْكَمَة الجنائية هي وحدها المنوط بها الإزالة.
وبجلسة 25/3/2014 قضت الْمحْكَمَة بقبول الدَّعْوَى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وأقامت أسباب حكمها على أنه ولئن كانت المحالفة ثابتة طبقاً لأحكام المادة 60 من القانون رقم 119لسنة2008 بإصدار قانون البناء. حيث قام المطعون ضده بارتكاب مخالفة البناء ـ محل القرار ـ قد صدر برقم 1825 في 20/3/2011 وكان موقعاً من المستشار / أشرف هلال بأن شغل اللواء/ سامي عمارة لمنصب محافظ المنوفية والذي انتهت ولايته في 18/4/2011 حال أن موقع ومصدر القرار (المستشار / أشرف هلال) لم يشغل منصب المحافظ إلا في اليوم التالي في 19/4/2011 ومن ثم يكون القرار الطعين صادراً ممن لا ولاية له في إصداره ويضحى مخالفاً لصحيح القانون مخالفة تهوي به إلى الانعدام.
ولم ترتض جهة الإدارة الطاعنة هذا الحكم فأقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون 119لسنة2008 لثبوت قيام المطعون ضده بالبناء دون ترخيص على أرض زراعية وأن قرار الإزالة المطعون فيه يمر بعدد من المراحل تبدأ بالوحدة الزراعية ثم مجلس المدينة ثم يحال مشروع قرار الإزالة إلى المحافظ لإصداره في صورته النهائية وأن التاريخ المعول عليه هو وقت توقيع المحافظ دون الأعمال التحضيرية والتمهيدية السابقة عليه وأنه في هذا الوقت (وقت التوقيع) كان هو المختص دون سواه.
وحيث إن المادة (150) من القانون رقم 53لسنة1966 بشأن إصدار قانون الزراعة المعدل بالقانونين رقمي 116لسنة1983 و2لسنة1985 تنص على أن يحظر تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة...
وتنص المادة (151) من ذات القانون على أن يُحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير مُنزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحياتها للزراعة…………… كما يُحظر عليهم ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها .
وتنص المادة (152) على أن : يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها ، ويعتبر في حكم الأرض الزراعية ، الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ، ويستثني من هذا الحظر .......... .
وتنص المادة (153) على أن يحظر إقامة مصانع أو قمائن طوب في الأراضي الزراعية ، ويمتنع على أصحاب ومستغلي مصانع أو قمائن الطوب القائمة الاستمرار في تشغيلها بالمخالفة حكم المادة (150) من هذا القانون.
وتنص المادة (154) علي أن يعاقب علي مخالفة حكم المادة (150) من هذا القانون بالحبس وبغرامة ....... ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة وبإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف .
وتنص المادة (155) على أن يعاقب على مخالفة حكم المادة (151) من هذه القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه......... ولوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى يأمر بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري وعلى نفقة المخالف..........
وتنص المادة (156) على أن يعاقب على مخالفة أي حكم من أحكام المادة (152) من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة ....... ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة ....... ولوزير الزراعة ، وحتى صدور الحكم في الدعوى، وقف أسباب المخالفة على نفقة المخالف .......
ومن حَيْثُ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً للقواعد والمبدأ المستقر عليه فقهاً وقضاءً فإن التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة إنما يصرف إلى الاختصاصات الأصلية التي يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة أما الاختصاصات التي يستمدها الرئيس الإداري من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة إليه بنفسه.
ومن حيث إن لكل من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 وقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 في شأن
إزالة الأعمال المخالفة لأحكام كل منهما مجال إعماله وتطبيقه بغير تداخل أو تصادم بين أحكام كل منهما ، ولما كان المشرع قد وضع تنظيماً خاصاً لإزالة الأعمال المخالفة لأحكام كل من القانونين ، فإنه يتعين قانوناً التزام جادة تطبيق أحكام كل منهما بمُراعاة المجال المُحدد لتطبيقها ، ولا يصح القول بتداخل أحكامهما بحيث يسريان معاً لحكم واقعة مُحددة أو تنظيم واقع معين بشأن الإزالة ، وإنه مما يتأبى على صحيح فهم القانون ومع مقتضيات التفسير وأصوله العامة ترتيب هذه النتيجة
إذ يتحتم دائماً أن يصدر التفسير عن أصل ثابت قوامه تحقيق التناغم والاتساق بين التشريعات تنزيهاً للمشرع من شبهة الالتباس أو الخلط أو الخطأ فإذا كان ذلك فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهما على الوقائع التي تحكمها نصوصه صدقاً وحقاً ولا يجوز القول بتطبيق أحكام أي منهما أو كلاهما على واقعة معينة حسبما يتراءى لجهة الإدارة، إذ في هذا القول إحلال لإرادة الجهة الإدارية محل إرادة المشرع، الأمر الذي يتعين معه أن يهب قاضي المشروعية لتقوية إعلاء لكلمة القانون وقالة الحق.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قام بارتكاب مخالفة البناء ـ محل القرار ـ دون ترخيص بإقامتها من الجهة المختصة على أرض زراعية، إلا أن قرار إزالة هذه الأعمال المخالفة قد صدر من محافظ المنوفية وفقاً لأحكام قانون الزراعة رقم 53لسنة1966 وتعديلاته وقانون البناء رقم 119لسنة2008 حال أن الأعمال محل المخالفة تعد تعدياً بالبناء على أرض زراعية وتخضع في جميع الأحوال لقانون الزراعة المشار إليه، وما كان يجوز لجهة الإدارة الجمع بين القانونين لما هو مقرر من أن لكل قانون مجال إعماله ونطاقه الذي يدور في فلكه في هذا الخصوص، مما مؤداه أن إسناد سلطة إصدار قرار الإزالة المطعون فيه طبقاً لقانون البناء قد جاء على خلاف الواقع والقانون بحسبان القرار الطعين يحكمه قانون الزراعة دون قانون البناء ذلك أن الأعمال التي تشكلت منها المخالفة تتمثل في التعدي بالبناء على أرض زراعيه حسبما أفصح عن ذلك القرار المطعون فيه والذي يدور الاختصاص بإزالة التعدي عليها بين الْمحْكَمَة الجنائية ووزير الزراعة بحسب الأحوال، وقد خلت الأوراق مما يفيد وجود تفويض من وزير الزراعة لمحافظ المنوفية في الحالة المعروضة، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً لصحيح حكم القانون حقيقاً بالإلغاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة ولكن على سبب آخر لا تأخذ به هذه الْمحْكَمَة وتصحح سبب الحكم ومن ثم يكون الحكم بات مطهراً من المثالب التي شابته ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض، ودون أن ينال الحكم من سلطة جهة الإدارة المختصة من إصدار القرار بصورة وإجراءات صحيحة حيال المخالفة محل النزاع وفقاً لأحكام قانون الزراعة المشار إليه.
وحيث إنه عن المصروفات فإنه يلزم بها من خسر الطعن عملاً بحكم المادتين 184 و270 من قانون المرافعات.
فلهـــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.