عدم وضوح عما اذا كان الحكم الصادر قد صدر في جلسة علنية أو سرية - أثره - بطلان الحكم بما يوجب الغاؤه
أن الأصل الدستوري المقرر هو علانية جلسات المحاكمة ، ما لم تقرر المحكمة سرية بعض المحاكمات مراعاة للنظام العام أو الأداب ، أو أن يقرر القانون سرية المحاكمة لاعتبارات يقدرها المشرع في هذا الشأن كما هو الحال في قانون السلطة القضائية بالنسبة لموظفي المحاكم والنيابات ، حيث أوجب المشرع أن تجرى محاكمتهم تأديبيا في جلسة سرية ، بحسبان أن هذه المحاكمة قد تتناول أمورًا تتعلق بأعمالهم مما يكون من شأن تناولها علانية الإخلال بحسن سير العدالة .
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن جلسات المحاكم وما في حكمها من المجالس التي أوكل إليها القانون مهمة الفصل في مسائل معينة ، يجب كقاعدة عامة أن تكون علنية ، إلا إذا رأت هيئة المحكمة جعلها سرية مراعاة لمقتضيات النظام العام أو الآداب أو نص القانون على ذلك ، ولكن في جميع الأحوال يجب أن يصدر الحكم في جلسة علنية وإلا كان الحكم باطلا ، والبطلان في هذه الحالة من النظام العام ، وتتصدى له محكمة الطعن من تلقاء نفسها ، ولو لم يطلبه أحد من الخصوم .
كما جرى قضاؤها على أنه ولئن لم يتضمن قانون السلطة القضائية من النصوص ما يقضي بأن يكون النطق بالحكم في مجالس تأديب العاملين بالمحاكم في جلسة علنية ، واقتصر فقط على النص بأن تجرى المحاكمة في جلسة سرية ، إلا أنه يتعين إصدار الأحكام من مجالس تأديب العاملين بالمحاكم في جلسة علنية بحسبان أن علانية الجلسات ضمانة من ضمانات المحاكمات ومن ثم يتعين مراعاته .
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم ، وكان الثابت من مطالعة حكم مجلس التأديب المطعون فيه الصادر في الدعوى التأديبية رقم 9 لسنة 2016 أن ديباجته خلت من بيان ما إذا كان قد صدر في جلسة علنية أو في جلسة غير علنية ، كما أن الحكم المذكور وردت به عبارة " وتداول المجلس نظر الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها في جلسة سرية " ، في حين أن البين من محاضر جلسات الدعوى التأديبية المشار إليها أن مجلس التأديب قد نظر هذه الدعوى بجلسات علنية حسبما ورد بتلك المحاضر ، الأمر الذي يتعذر معه على المحكمة في ضوء هذا التناقض الوقوف على ما إذا كانت محاكمة المطعون ضده أمام مجلس التأديب في الدعوى التأديبية سالفة الذكر قد جرت في جلسات سرية وتم النطق بالحكم فيها علانية التزاما بأحكام القانون من عدمه ، بحسبان أنه إذا تم الاستناد إلى ما جاء بالحكم المطعون فيه على نحو ما تقدم فإن ذلك قد يدلل مع ما سبق على أن الحكم قد صدر في جلسة سرية ، أما إذا تم الاستناد إلى ما ورد بمحاضر جلسات الدعوى التأديبية الصادر فيها هذا الحكم فإن ذلك مؤداه أن محاكمة المطعون ضده أمام مجلس التأديب قد جرت في جلسات علنية بالمخالفة لأحكام القانون ، ومن ثم فإنه ترتيبا على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد ران عليه البطلان على نحو يستوجب القضاء بإلغائه ، والأمر بإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس التأديب للفصل فيها بهيئة مغايرة.
الطَّعن رقم 23284 لسنة 63 ق. عُليا جلسة 18-7-2020