المنازعات الناشئة عن تخصيص وحدات اسكان الشباب في المرحلة السابقة علي تكوين العقد والتخصيص ذات طبيعة ادارية - أثر ذلك
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على الهيئة المطعون ضدها - وآخرين غير مختصمين في الطعن – الدعوى رقم 588 لسنة 2002 مدني كلي رأس البر بطلب الحكم بعدم نفاذ القرار الصادر عن الهيئة المطعون ضدها وآخر بإلغاء تخصيص الوحدة السكنية المبينة بالأوراق له واعتباره كأن لم يكن ومنع تعرضهم له فيها وإلزامهم بتنفيذ عقد التخصيص والتسليم ، وذلك على سند من أنه تقدم بطلب تخصيص وحدة سكنية بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب بناحية دمياط الجديدة وتم تخصيص الوحدة سالفة الذكر له وتسلمها بالفعل بعد استيفاء الإجراءات المطلوبة ، إلا أن الهيئة المطعون ضدها ألغت هذا التخصيص استنادًا إلى عدم توافر الشروط في حقه رغم استيفائه لها ومن ثم أقام الدعوى ، حكمت المحكمة بالطلبات ، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 815 لسنة 35 ق المنصورة – مأمورية دمياط – وبتاريخ – 24/2/2004 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه للسبب الذي أثارته ، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .وحيث إن مبنى السبب المُبدى من النيابة مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لعدم اختصاص جهة القضاء العادي ولائيًا بنظر الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لأن النزاع لا يعدو أن يكون منازعة إدارية تختص بنظرها والفصل فيها جهة القضاء الإداري بمجلس الدولة .
وحيث إن هذا السبب في محله ، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت تلك الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن ، وأن مسألة الاختصاص الولائي تتعلق بالنظام العام وتُعتبر قائمة في الخصومة وتعتبر مطروحة دائمًا على المحكمة إذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتمًا على قضاء ضمني بالاختصاص والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء فيه سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها ، وكان من المقرر أن القرار الإداري الذي لاتختص جهة القضاء العادي بتأويله أو إلغائه أو تعديله هو ذلك القرار الذي تفصح به جهة الإدراة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنًا ابتغاء مصلحة عامة ، وتختص محاكم مجلس الدولة دون سواها بالفصل في الطلبات التي يقدمها الأفراد والهيئات بإلغاء القرارات الإدارية وبطلبات التعويض عن هذه القرارات سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية ، وكانت المنازعات الناشئة عن تخصيص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لإسكان الشباب ليست جميعها ذات طبيعة مدنية مما يدخل في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات وإنما يداخلها في المرحلة السابقة على تكوين العقد والتخصيص بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية وينطوي تحت لوائها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة مما يندرج تحت الولاية المقررة لمحاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة ، وبما مؤداه أن المناط في تحديد الاختصاص الولائي بالمنازعات الناشئة عن تخصيص هيئة المجتمعات العمرانية للمساكن المخصصة للشباب هو بطبيعة المنازعة فإن تعلقت بالملكية أو الحيازة ونحو ذلك اختص القضاء العادي بنظرها ، وإن كانت تلك المنازعات سابقة على التخصيص والموازنة بين المتقدمين والتحقق من توافر شروط التخصيص ونفي ذلك كانت من المنازعات الإدارية مما تختص به محاكم مجلس الدولة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد تم تخصيص وحدة سكنية له بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب بمدينة دمياط الجديدة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وقام بسداد المبالغ المطلوبة منه وتم إخطاره بإلغاء التخصيص لعدم توافر الشروط في حقه بناء على تحريات أجرتها الجهة الإدارية بما لها من سلطة عامة ، وكان قرار إلغاء التخصيص قرارًا إداريًا تباشره – أيضًا – الجهة الإدارية بما لها من سلطة عامة ، وإذ أفصحت الجهة الإدارية عن إرادتها بإصدار القرار المطعون فيه بإلغاء تخصيص الوحدة السكنية للمطعون ضده ومن ثم يندرج هذا القرار في نطاق القرارات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في المنازعات الناشئة عنها ، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعقد لنفسه الاختصاص بنظر الدعوى فإنه يكون قد قضى ضمنيًا باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى بالمخالفة لقاعدة من قواعد الاختصاص الولائي وهي قاعدة متعلقة بالنظام العام بما يوجب نقضه ، وإذ كان اختصاص المحكمة شرطًا لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فيها فإن من شأن نقض الحكم لسبب يتعلق بهذا الاختصاص نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في موضوع النزاع .
وحيث إن المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة ، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيّا بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضايا إداري بنظرها .
أحكام النقض المدني - الطعن رقم 8770 لسنة 76 ق - جلسة 27 / 12 / 2021