اللجوء إلي لجان الطعن الضريبي قبل رفع الدعوي أمام القضاء هو إجراء غير إلزامي علي الممول
عما تنعاه الجهة الإدارية الطاعنة على الحكم المطعون عليه انه قضى بقبول الدعوى رغم رفعها دون سبق التظلم إلى لجنة الطعن المختصة، فهو مردود أيضاً، أن المشرع بداية من قانون الضريبة على الدخل رقم 157 لسنة 1981 في مادته 159 ناط بلجان الطعن الضريبي الاختصاص بالفصل في جميع أوجه الخلاف بين الممول والمصلحة في المنازعات المتعلقة بالضرائب المنصوص عليها في هذا القانون ومنها المنازعات المتعلقة بالضريبة على المرتبات فتحال إلى لجان الطعن طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 72 من ذات القانون التى تقضى بان"للممول خلال شهر من تاريخ تسليم الإيراد الخاضع للضريبة أن يعترض على ربط الضريبة بطلب يقدم إلى الجهة التي قامت بخصم الضريبة. ويتعين على هذه الجهة أن ترسل الطلب مشفوعا بردها إلى مأمورية الضرائب المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه. وتتولى المأمورية فحص الطلب فإذا تبين لها جدية الاعتراضات التي أبداها الممول قامت بإخطار الجهة المشار إليها لتعديل ربط الضريبة، أما إذا لم تقتنع بصحة الاعتراضات فيتعين عليها إحالة الطلب إلى لجنة الطعن المنصوص عليها في المادة (157) من هذا القانون مع إخطار صاحب الشأن بذلك بخطاب موصى عليه بعلم الوصول خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإحالة." وهو ما انتهجه المشرع فى قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 الذى تضمن التنظيم القانوني للضريبة على المرتبات والأجور، وأجازت المادة (118) منه للممول الخاضع لتلك الضريبة الاعتراض على ما تم خصمه من ضرائب بطلب يقدم إلى الجهة التي قامت بالخصم، وأوجبت على تلك الجهة إحالة طلبه مشفوعا بردها إلى مأمورية الضرائب المختصة، وتتولى المأمورية فحص الطلب، وفي حالة عدم اقتناعها بصحته، فيتعين عليها إحالته إلى لجنة الطعن التي تتولى الفصل في أوجه الخلاف بين مصلحة الضرائب والممولين، ، وذلك على خلاف القانون 14 لسنة 1939 إذ لم يجعل للجان الطعن ولاية الفصل في أوجه الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب في خصوص الضريبة على المرتبات .
وحيث إن مؤدى نص المادتين 72 ، 118 من قانونى الضرائب على الدخل المشار إليهما أن المشرع وإن كان قد رسم لممول ضريبة المرتبات سبيلاً للاعتراض على ربط الضريبة بتقديم طلب للجهة الملتزمة بدفع الإيراد والتي قامت بخصم الضريبة لتقوم بإرساله مشفوعاً بردها للمأمورية لفحصه وتعديل الربط إن قنعت بصحة الاعتراضات وإلا أحالته إلى لجنة الطعن.وقد حددت المادة (120) من القانون رقم 91 لسنة 2005 تشكيل لجان الطعن فنصت على أن "تشكل لجان الطعن بقرار من الوزير من رئيس من غير العاملين بالمصلحة وعضوية اثنين من موظفي المصلحة يختارهما الوزير، واثنين من ذوي الخبرة يختارهما الاتحاد العام للغرف التجارية بالاشتراك مع اتحاد الصناعات المصرية من بين المحاسبين المقيدين في جدول المحاسبين والمراجعين لشركات الأموال بالسجل العام لمزاولي المهنة الحرة للمحاسبة والمراجعة .....، وتكون هذه اللجان دائمة وتابعة مباشرة للوزير، ويصدر قرار منه بتحديدها وبيان مقارها واختصاصها المكاني ومكافآت أعضائها". وقد بين نصا المادتين (121، 122) من ذلك القانون قواعد وإجراءات مباشرة تلك اللجان لمهامها، على نحو يبين منه أن هذه اللجان - على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا - لا تعدو أن تكون هيئات إدارية خولها القانون مهمة الفصل في المنازعات التي تتردد بين مصلحة الضرائب والممولين،باعتبار أن اللجوء إليها يمثل مرحلة أولية، قبل أن يتجه الطرفان صوب القضاء، ودون أن تضفي النصوص المتقدمة على تلك اللجان الصبغة القضائية، بل تظل مجرد هيئات إدارية تنأى عن مظلة السلطة القضائية، ليظل ما يصدر عنها قرارا إداريا متعلقا بهذه الضريبة وأوجه الخلاف حولها بين الممول ومصلحة الضرائب (المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 59 لسنة 38 قضائية تنازع - بجلسة 22/9/2018)
وحيث إن المشرع رغبة منه فى تسوية الخلافات التى تنشأ بين الممول ومصلحة الضرائب وللحد من الأنزعة المطروحة على القضاء بشأنها أنشأ لجان الطعن الضريبى المنصوص عليها بالقانون سالف الإشارة إليه بغية حلها وديا دون أن يكون سلوك هذا الطريق وجوبيا ،بما مفاده أن هذا الإجراء ليس وجوبيا يتحتم على الممول ولوجه كشرط لقبول دعواه وإنما يتعلق الأمر بإرادته واختياره ولا يترتب على عدم اللجوء إلى هذه اللجان ثمة أثر يغمطه حقه فى سلوك الطريق الذى يليه ، وهو الطعن أمام المحكمة المختصة ولو أراد المشرع عدم قبول الدعوى كأثر لعدم اللجوء إلى لجنة الطعن الضريبى لنص على ذلك صراحة أسوة بما نصت عليه المادة (11) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها بنصها على انه " عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار القرار، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقا لحكم المادة العاشرة." وأسوة أيضا بما نصت عليه المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 بنصها على أن" تنشأ بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لجان لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون يصدر بتشكيلها وإجراءات عملها ومكـــافآت أعضائها قرار من الوزير المختص.وعلى أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين، قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لعرض النزاع على اللجان المشار إليها لتسويته بالطرق الودية.ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (128) لا يجوز رفع الدعوى قبل مضي ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب المشار إليه."
وحيث إن المادة (4) من القانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات الإضافية إلى الأجور الأساسية؛ تنص علي أنه: "لا يخضع ما يُضم من العلاوات الخاصة إلى الأجور الأساسية لأية ضرائب أو رسوم". وتنص المادة الرابعة من القوانين أرقام 174 لسنة 1993، و203 لسنة 1994، و23 لسنة 1995، و85 لسنة 1996، و82 لسنة 1997، و90 لسنة 1998، و19 لسنة 1999، و84 لسنة 2000، و18 لسنة 2001، و149 لسنة 2002 بمنح علاوة خاصة للعاملين بالدولة تنص على أنه: "لا تخضع العلاوة المضمومة لأية ضرائب أو رسوم" وكان النص في كل من القوانين السالف بيانها – المقرر لإعفاء العلاوة الخاصة من أية ضرائب أو رسوم، قد أثار خلافًا في تطبيقه بين الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من ناحية ، ومحكمة النقض من ناحية أخرى،ومحكمة القضاء الادارى ببعض دوائرها إذ رأت الأولى عدم تمتع الزيادة في الحوافز والأجور الإضافية والمكافآت، نتيجة ضم العلاوات الخاصة إلى الأجر الأساسي، بالإعفاء المقرر لتلك العلاوات من أية ضرائب أو رسوم، بما مؤداه أن الإعفاء يقتصر على قيمة هذه العلاوات فقط، ولا يمتد إلى غيرها من أي مبالغ تكون قد تأثرت بالضم، في حين اتجهت محكمة النقض وجهة أخرى مناقضة انتهت فيها إلى أن الإعفاء المشار إليه لا يقتصر على قيمة هذه العلاوة الخاصة، بل يمتد إلى غيرها من تلك المبالغ التي تأثرت بالضم. ووصل الأمر إلى طلب استصدار تفسير تشريعى من المحكمة الدستورية العليا في شأن حسم الخلاف حول مدى جواز إعفاء العلاوات الخاصة بعد ضمها للمرتب وما تأثر بها من حوافز وغيرها من المبالغ ، وكشف طلب التفسير التشريعى عن أن حسم هذا الخلاف عصيا على لجنة الطعن الضريبي من باب أولى ، وبات أمرا مقضيا استنهاض نص المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 باللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية التى أثارت خلافاً فى التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها. وكان هذا الاختصاص بالتفسير التشريعى المخول لهذه المحكمة، وفقا لما جرى به قضاؤها لا ينشئ حكماً جديداً، بل يعتبر قرارها بالتفسير مندمجاً فى النص موضوعه وجزءاً منه لا يتجزأ، وسارياً بالتالى منذ نفاذه، ومن ثم يعتبر النص محل التفسير وكأنه صدر ابتداء بالمعنى الذى تضمنه قرار التفسير، وليس ذلك إجراء لأثر رجعى لهذه القرار، بل هى إرادة المشرع التى حمل النص القانونى عليها منذ صدوره بعد تجلية المحكمة لدلالتها ضماناً لوحدة تطبيقه. (طلب التفسير رقم 1 لسنة 15 ق تفسير بجلسة 30/1/1993) ومن ثم فقد بات اللجوء إلى لجنة الطعن الضريبى – بفرض وجوبه - مجرد شكلية غير منتجة فى حسم المسألة محل التداعى واضحي الفصل فى هذا الخلاف معقودا للمحكمة الدستورية العليا. مما يغدو معه اشتراط اللجوء إلى لجنة الطعن الضريبى قبل رفع الدعوى عديم الجدوى يستوى فى ذلك الدعاوى التى رفعت قبل طلب التفسير على النحو السالف بيانه ، أو بعد صدور التفسير والذى كان على الدولة بأجهزتها المختلفة ان تنصاع للتفسير الذى طلبته وأضحى جزءا من النص التشريعى لا أن تستمر فى اللدد فى خصومة قضائية محسومة بذلك التفسير ، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اللجوء إلى لجنة الطعن الضريبى ورفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون غير قائم على أساس صحيح من القانون حريا بالالتفات عنه.
الطعن رقم 58114 لسنة 60 قضائية عليا جلسة 24/2/2019