قطع التقادم يبدأ من تاريخ اللجوء إلي لجان التوفيق
وإذا كان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 قد نص على أن تسري في شأن مبعوث الأزهر إلى المراكز الإسلامية في الخارج الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم الخارج طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 المشار إليه... خاصا بذلك مبعوثي الأزهر إلى المراكز الإسلامية في الخارج بمعاملة مالية دون ما عداهم من مبعوثي الأزهر إلى الخارج بحسب ما يبين من ظاهر النص فإنه يتعين في هذا الشأن تفسير عبارة المراكز الإسلامية تفسيرا يفضي إلى تناغم المنظومة التشريعية المنظمة للمعاملة المالية للمبعوثين من الأئمة والوعاظ والدعاة والمدرسين والإداريين والمكتبيين سواء من الأزهر الشرف أو وزارة الأوقاف، بما يتفق وإرادة المشرع، وأهداف التشريع والحكمة التي تغياها، دون الوقوف على المدلول الحرفي لها، وهو ما يقتضي بتفسير هذه العبارة بالمفهوم العام والشامل لعبارة (المراكز الإسلامية) بما يتسق والتعريف الموضعي لها والمتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية فمتى ثبت إبتعاث الأزهري إلى الخارج للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية وتعلم اللغة العربية تحقق بشأنه مناط الاستفادة من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 سالف الإشارة دون ما نظر لمسمى الجهة التي ابتعث إليها، وبالأحرى دون اشتراط أن يكون إبتعاثه إلى ما تعارف على تسميته بالمراكز الإسلامية .
(يراجع في هذا الشأن حكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة المشكلة طبقا لنص المادة (54 مكررا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 – دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا – في الطعن رقم 41768 لسنة 57 القضائية . عليا بجلسة 6/1/2018) وحيث إن المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – قد أصدرت حكمها في الطعن رقم 3001 لسنة 56 ق . عليا بجلسة 2/6/2018 بالعدول عن الإتجاه السائد في أحكام المحكمة الإدارية العليا ، وإتخاذ سعر صرف الدولار وقت الاستحقاق أساسا لحساب جميع المستحقات المالية للعاملين خارج جمهورية مصر العربية ممن يتقاضون مستحقاتهم المالية من موازنة الدولة .
اثر اللجوء للجان التوفيق في شأن تقادم الحق
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تم إيفاده للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية والعربية بدولة النيجر لمدة ثلاث سنوات دراسية تبدأ من العام الدراسي 2004/2005 على أن يتحمل الأزهر مرتباته ونفقات سفره خلال فترة إيفاده ، فإن ذلك يدل على أن المطعون ضده كان مبعوثا من الأزهر إلي أحد المراكز الإسلامية في الخارج ، وفقا للمفهوم الموضوعي للمراكز الإسلامية الذي تأخذ به المحكمة ، وهو ما يتعين معه أن تكون معاملته ماليا وفقا لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992م طوال فترة ابتعاثه للخارج، على أن يتم صرف مستحقاته المالية على أساس سعر الصرف وقت الاستحقاق ، مع مراعاة خصم المبالغ التي تكون قد صرفت له خلال هذه المدة إن وجدت.
التقدم بطلب للجان التوفيق واثرة في التقادم
وحيث إنه عن دفع جهة الإدارة الطاعنة بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم الخمسي ، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تم إيفاده للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية بدولة النيجر لمدة ثلاث سنوات دراسية اعتبارا من العام الدراسي 2004/2005 ، ومن ثم فقد عاد واستلم عمله في نهاية العام الدراسي 2006/2007 ، ولم يتقدم بطلبه إلي لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة إلا في غضون شهر أغسطس 2011 حيث صدرت التوصية بتاريخ 7/9/2011 ، وأقام دعواه في 20/9/2011 ، ومن ثم فإنه يستحق معاملته ماليا بالقرار رقم 579 لسنة 1992 المشار إليه اعتبارا من خمس سنوات سابقة على تاريخ تقدمه بطلب إلي لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة ، ويسقط حقه في المطالبة عن الفترة السابقة على ذلك بالتقادم ألخمسي .
وحيث أن الحكم المطعون فيه قضي بأحقية المطعون فيه في معاملته ماليا مدة إبتعاثه بالخارج طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 على أساس سعر الصرف وقت الصرف ، فإنه يكون قد صدر سليما ومتفقا مع القانون ، إلا أنه يكون فاقدا لسنده الصحيح بالنسبة لما قضي به من صرف مستحقات المطعون ضده على أساس سعر الصرف وقت الصرف بعدما صدر حكم دائرة توحيد المبادئ المشار إليه في الطعن رقم 3001 لسنة 56 ق . عليا ، مما يتعين معه القضاء بتعديله ليكون بأحقية المدعي – المطعون ضده – في معاملته ماليا مدة ابتعاثه للخارج طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 على أساس سعر الصرف وقت الاستحقاق و بمراعاة أحكام التقادم الخمسي.