JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

الصفحة الرئيسية

تفسير العقد الإداري يجب أن يتفق مع غايات الدولة من المشروع وعدم تجزئة بنود العقد وعدم التمسك الحرفي بنصوصه





اتفاق الدولة علي تخصيص الأرض كمشروع سياحي علاجي يحتم عدم التصرف في وحدات المشروع للأشخاص الطبيعيين إلا بعد الرجوع للجهة الإدارية والتنسيق في هذا الخصوص
 تفسير العقد الإداري يجب أن يتفق مع غايات الدولة من المشروع وعدم تجزئة بنود العقد وعدم التمسك الحرفي بنصوصه

الثابت من الأوراق ومن بنود العقد البرم بين الطرفين فيما أفصح عنه جهارًا بأن تخصيص الجهة الإدارية للأرض وبيعها للشركة الطاعنة بغرض إقامة مشروع علاجى, سياحى, خدمى, وتلاقت إرادتهما على أن يتحمل كل من الطرفين حقوقًا والتزامات تنشأ عن العقد أهمها أن تحصل الجهة الإدارية على مشروع يخدم السياحة العلاجية ويدر عائدًا على الاقتصاد القومى للدولة تسير فيه مرفقًا من مرافقها العامة وهو مرفق السياحة العلاجية لتصب فى وعاء المصلحة العامة, فى مقابل أن تنقل الإدارة ملكية الأرض إلى الشركة القائمة بالمشروع طبقًا لشروط واقفة وضوابط لنقل الملكية, فإذا ما أوفت الشركة بما تعهدت به بالصورة التى تتفق وبنود العقد وأحكام القانون, انتقل الالتزام على الجهة الإدارية بنقل ملكية الأرض إلى الشركة , وأنه لا ريب انه يتعين على الطرفين أن يتحلى بمبدأ حسن النية وشرف التعامل وأن يتعاضدا ويتضافرا بلوغا لإتمام العقد والحصول على النتيجة المرجوة. وبناء عليه فإنه يتعين أن يكون تنفيذ العقد بلوغًا لغايته ومنتهاه أساس الإرادة التى استوت عليها بنود العقد فلا يجوز بعد ذلك أن تتمسك الشركة بحرفية النص بما يخرجه عن غايته ويحيد به عن منتهاه وعزل أجزائه عن مشمول جسده حتى تتخلله بسوء ما ضمرت تحقيقًا لمآربها, ولما كان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة قد باعت وأسقطت وتنازلت عن وحدات المشروع السكنية إلى أشخاص طبيعين, بكافة الضمانات الفعلية والقانونية بغرض نقل الملكية. وأن مشروعات السياحة العلاجية تستهدف فى المقام الأول جذب العملة الأجنبية لتضخ فى خزانة الدولة فتحقق مصلحة اقتصادية ينعكس آثارها على المستوى الاجتماعى للفرد وتوفر له الحياة الكريمة التى يستحقها, فإذا بطلت الوسيلة, انتفت النتيجة, بمعنى أنه إذا كان الأساس هو تنشيط مورد من موارد الدولة القومية وجذب أهم عنصر من عناصرها وهو السائح الأجنبى لتقديم خدمة علاجية له فى المقام الأول متجملة فى صورتها السياحية مع توفير كل عناصر الراحة والانسجام له من خلال تقديم سلعة خدمية, فإن المنطق الطبيعى للمجرى العادى للأمور أن تكون الوحدات السكنية- الاستشفائية - جاهزة وخالية من ثمة إشغالات لأداء مهمتها باستقبال مختلف الجنسيات الوافدة على الدولة فى كل وقت وحين, أما إذا تم بيع تلك الوحدات السكنية على النحو الذى تبنته الشركة فإن مؤدى ذلك انتقال الملكية لأصحابها وينشأ لهم حق عليها فى التصرف فيها تصرف المالك فى ملكه, فيكون له الحق بالانتفاع بها على النحو الذى يرضى سريرته, فقد ينشط بتأجيرها وقد يضن بحبسها عن الغير والاستئثار بمنفعتها لصالحه الشخصى- وهو لا يلام على ذلك أن فعل- فإذا كان الحال كذلك فكيف يتسنى أن يحقق المشروع غايته كمشروع علاجى فى الأساس لخدمة السائحين وجذب السياحة الخارجية بما يدر دخلًا قوميًا على الاقتصاد المصرى ويحقق وفر فى العملة الأجنبية, حيث رصد المشروع- والحال هذه – ليقدم خدماته لمالكى هذه الوحدات فقط بذواتهم دون غيرهم, وأن فى ذلك لخروجًا سافرًا لمفهوم المشروع العلاجى السياحى الخدمى غاية الجهة الإدارية ومرماها تنفيذّا لخطة التنمية المستدامة التى تتبناها الدولة بكل مؤسساتها, وبات المشروع القائم عبارة عن بيع لوحدات سكنية فى أفضل المناطق السياحية على الإطلاق واستغلالًا لموارد الدولة فى تحقيق مآرب شخصية ومكاسب مالية يعلو فيها صوت المصلحة الشخصية على المصلحة العامة بل على المصلحة القومية, وليًا لإرادة الإدارة وعبثًا بركن الرضا الذى قام على دعائمه العقد. وأنه كان يتعين على الشركة- إن كانت تتحلى بحسن النية - أن تسخر مجهوداتها وتتحمل مسؤولياتها حتى يصادف التزاماتها ثمنًا يسوق العقد بتمام تنفيذه إلى حصن الأمان ليكون له ملتحدًا، أو أن تخطر الإدارة بنيتها على بيع تلك الوحدات السكنية- قبل الشروع فى البيع- حتى يتم التنسيق بينهما وتتلافى ثمة مشكلات تعوق العقد أو توقف تنفيذه.

كما أنه لا يسوغ للشركة أن تحاج بأنه لا يجوز الاجتهاد مع صراحة النص ولا يسوغ تأويل وتفسير شروط العقد مع وضوح ألفاظه بما يخرجه عن معناه إذ أن ذلك مردود بأنه لا خلاف على أن تلك المبادئ التى وضعها القضاء تطبيقًا لصحيح النصوص وتنفيذّا لما تلاقت عليه إرادة الأطراف فى شريعتهم الخاصة, إلا أن ذلك مرهون بشرط مفاده أن بنود العقد وما تضمنته من أحكام يجب أن تفسر وتنزل أحكامه لتترجم إرادة طرفيه وأن تلك البنود لا تكون بمعزل عن بعضها البعض وتنفصل عن الغاية التى توخاها الأطراف بلوغًا لمراميهم والتى على بساطها نشأت الالتزامات العقدية وتلاقت الإرادات إيجابا وقبولًا ليتولد عنها العقد.

ومن حيث إنه هديًا بما تقدم فإذا كانت الجهة الإدارية قد وافقت على المشروع المقدم من الشركة الطاعنة فى الأصل لخدمة السياحة العلاجية (والتى أكلفت عليها حديثًا مسمى السياحة الصحية بمفهومها الثلاث علاجية - استشفائية- تيسيريه لذوى الاحتياجات الخاصة)- والتى اعتبر مجالًا حديثًا فى تلك الفترة يمكن من خلاله للدولة استغلال مواردها الطبيعية فى جذب طاقة سياحية مضاعفة بعلاج مريدى الطبيعة, من خلالها تنفرد فيها الدولة بمزايا حباها الله بها لا تضاهيها دول أخرى, مع خدمة سياحية خدمية توفر الراحة والانسجام فى نفوس تتوق إلى راحة نفسية وبدنية تستجمع بعدها قواها, ثم تعود إلى دولها وتكون منبرًا يروج ويدعوا للسياحة العلاجية فى مصر, يمثلون رسلًا للدولة ينطقون باسمها ويرددون شعارها حبًا وعرفانًا, فهذه هى دوافع الدولة ودربها الذى تدق عليه خطاها, إلا أنه وإن كانت تلك دوافعها فعوامل الهدم تشكل عوارضها حتى لا تستقيم على طريقها الصحيح وتحيد عن الدرب القويم فتتناثر مجهوداتها وتذهب ريحها هباءا أمام نوايا لا تؤمن إلا بالمصلحة الشخصية ولا تنصت إلا لنداءات الثراء على حساب الجماعة, لذا فإن تفسير النص رغم صراحة ألفاظه يتعين أن ترتبط بغايات العقد ومراميه طبقًا لما تلاقت عليه إرادة أطرافه.

ومن حيث إنه ولما كان البين من الأوراق أن طرفى التعاقد قد تالفا واجتمعا على غاية واحدة هى أن الهدف من المشروع استفزاز طاقات الدولة الكامنة واستغلال مواردها الطبيعية فى مجالات علاجية تدعمها عوامل الجذب السياحية والخدمية, فمن ثم فإن نصوص العقد يجب أن تفسر من هذا المضمون ومن تلك الغاية تحقيقًا لمنتهاها, فإذا استمسك كل من الطرفين بالتزاماته كانت محصلة نشاطهما النتيجة المرجوة, وإذا انحرف أحدهما عن الصراط المرسوم اختل العقد وحاد عن مداره, وأنه قد تبين للمحكمة- من واقع الأوراق – أن الشركة الطاعنة قد مالت بتصرفاتها عن جادة حسن النية وتحللت من التزامها مستمسكة بحرفية اللفظ دون معناه, وبجموده بعدا عن مرونته ليخدم أغراض شخصية, حيث إن ما ورد بالبند العاشر من العقد المبرم مع الإدارة " بعدم التصرف فى الأرض موضوع العقد" والذى تبنت الشركة الطاعنة منه لفظ الأرض وروتها بمفهومها الذاتى لتحصد منها ما يغذى مطامعها, ودفعت بأن البند جاء واضحًا فى مدلوله وأن المعنى كامن فى لفظه وأكدت أن حظر التصرف اقتصرت آثاره على الأرض دون ما يعلوها, ومؤدى ذلك أن التصرف فى المنشآت التى أقامتها يكون بأى صورة ترضاها, لانحصار النص عنها, وليس للإدارة أن تقدح فيها بثمة مطعن أو تلطخ سمعتها تشويها, وتكون غايتها أن تجد من العدم سببًا لتحيل من التزاماتها دينا, فإن ذلك مردود بأن الغاية من مفهوم العقد هو عدم تصرف الشركة فى أرض المشروع حتى تمام تنفيذه وبموافقة من الجهة الإدارية ليكون خاضعًا لرقابتها وتحت بصرها تعمل فيه بصيرتها حتى تطمئن من نتيجته, وتقتات من ثماره وأن تلك المسألة لن تجد لها موئلا إلا إذا تعاملت الإدارة مع المشروع كوحدة واحدة أرضه وبنيانه واعتبرته كيان واحد ومنعت التصرف فيه حتى لا يكون مطية لكل من أراد غنما فيمتد نفاذ المشروع أمدا وتتبدد معالمه بددا وتضيع المصلحة القومية فى تيات معارك الإدارة مع كل غاو ركبا, فيأتى لفظ النص شاملًا ما وقر فى وجدانه فيسقى حيا بما رواه نبع نية أطرافه المتحدة, وما يرتبط به ارتباط لزوم لا ينفصل عنه أبدًا وإلا ولد ميتًا , حيث أن بيع ما التصق بالأرض يحيل الأرض عدمًا ولا عائد من أمرها نفعًا, الأمر الذى يغدو معه القول بأن نهوض الشركة ببيع الوحدات السكنية للمشروع ما هو إلا إخلال بالتزاماتها ببنود العقد ويفسح للإدارة مجالًا لاتخاذ قرارها والسير فى إجراءاتها القانونية ردعًا وزجرًا وأن تنزل عقوبتها أن ارتأت من أمره حتمًا.

ولا يغيب ذكرًا بان الشركة قد أحاطت بها خطيئتها وطرحتها أرضًا حيث انها لم تبيع الوحدات السكنية فحسب بل باعت كذلك جزء من الأرض بيعًا صريحًا ونسبتها نسبًا منسوبًا لمساحة الوحدة المبيعة والذى أفصح عنه عقد البيع المبرم مع السيد/ رامى عادل صموئيل عبد الملاك فى بنده الثالث لتقطع الشك باليقين مخالفتها لبنود العقد, وانكشاف ساحتها لإنزال الجزاء بها وتلاقى ما كانت عنه تحيد, ولما كان ذلك كذلك فإنه لا مندوحة إذا رفضت المحكمة طعن الشركة لافتقاره إلى سنده الصحيح من الواقع والقانون.

ولا ينال مما تقدم ما قد تحاج به الشركة الطاعنة بأن المستندات التى بنى عليها الحكم قد سبق وأن جحدتها ولا تقيم لها وزنًا إذ أن ذلك مردود بأن المسلم به فى قضاء هذه المحكمة أن: "للمحكمة السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها وان تقيم قضائها على ما استخلصته منها متى أطمأنت إلى دلالته ومؤداه ولها سلطة تفسير عبارات العقود والمحررات وتفهم نية أطرافها لاستنباط حقيقة الواقع فيها دون خروج عن المعنى الذى تحمله عبارات العقد, وأنه من القواعد الأصولية فى تفسير العقد, مدنية كانت و إدارية, أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها بقصد التعرف على إرادة المتعاقدين, أما إذا كانت غير واضحة فإنه يتعين التقصى عن النية الحقيقية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعنى الحرفى للألفاظ استجلاًء للمعنى الذى قصده طرفا العقد, وفى هذه الحالة لا يؤخذ بالمعنى الظاهر للفظ بل إلى المعنى الذى قصده المتعاقدين على أسس موضوعية يمكن الكشف عنها".

كما جرت على أن:"حرية القاضى الإدارى فى تكوين اقتناعه بأدلة الإثبات المطروحة فى الدعوى- لا إلزام على المحكمة أن تكون عقيدتها من خلال مستند معين دون غيره, ولا إلزام عليها أيضًا أن تتبع كل أوجه الدفاع فى جميع جزئياته والرد عليه تباعًا."

ولما كانت الأوراق قد شهدت بان الجهة الإدارية قد تحركت للكشف عن حقيقة سلوك الشركة الطاعنة ببيع الوحدات السكنية بجزء الأرض المقامة عليها من خلال الشكوى المقدمة إلى محافظ جنوب سيناء من سكان منتجع كارلتون يتضررون من الشركة الطاعنة بعدم التزامها ببنود العقد المبرم بينهما لسوء ورداءة التشطيبات المتفق عليها وعدم الوفاء بكافة التزاماتها تجاههم, الأمر الذى حدا بالجهة الإدارية بالتقصى عن حقيقة المسألة وتبين لها صحة ما ورد بالشكوى بتصرف الشركة بتصرف الشركة فى الوحدات المنشأة بالمشروع, وتحصلت من مقدمى الشكوى على صورة العقود المحررة بينهم وبين الشركة الطاعنة والوارد بها تفصيلًا مبلغ البيع, ومشتملاته من نسبة من الأرض المقام عليها الوحدة السكنية-على النحو الوارد بعقد بيع إلى السيد/ رامى عادل صموئيل, وإذ أن المحكمة بفحص الأوراق وتمحيصها قد تبين لها أن الشركة المذكورة قد سبق أن جحدت صور العقود المقدمة من الإدارة أمام الخبير المنتدب بالحكم التمهيدى من محكمة استئناف الإسماعيلية مأمورية الطور رقم 152 لسنة 22ق م س ع,ثم عدلت عن مسلكها بجلسة 19/5/2014 بتنازلها عن جحد صور العقود المقدمة أمام الخبير، فمن ثم وأنه إزاء تلك الظروف والملابسات التى أحاطت بتلك المسألة, فإن ما استقر فى عقيدة المحكمة, ووقر فى وجدانها- بما لا يزيله شك- من صحة صور العقود المقدمة والتى تعد قرينة تدعم سائر الأسباب الأخرى التى شيدت عليها المحكمة قضاءها ودفعت بها مظنة الشك فى صحتها.
الطعن رقم 16125 لسنة 59 ق.عليا جلسة 24/12/2019
الاسمبريد إلكترونيرسالة

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة