سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن متروك لمحكمة الموضوع تستخلص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً
لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات ، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني لتلك الأقوال والحجج والطلبات ، وأن سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن متروك لمحكمة الموضوع تستخلص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق ، وأن سلطتها في تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها إذ لها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها ما لم تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدى إليه مدلولها ، وأن القانون لم يجعل صلة القرابة بين الشاهد والمشهود له سبباً لعدم الأخذ بأقوال الشاهد ، وأن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهي إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق ووجه الحق في الدعوى ما دام قائماً على أسباب لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدى إلى ما انتهي إليه ، وأن طلب إعادة المأمورية إلى الخبير ليس حقاً للخصوم يتحتم على محكمة الموضوع إجابتهم إليه بل هو متروك لتقديرها فلها أن ترفضه إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للحكم فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيساً على ما انتهي إليه من أقوال الشهود وتقرير الخبير ، وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي انتهي إليه وفيه الرد الضمني المُسقط لكل ما أبداه الطاعن من أقوال وحجج وطلبات وما قدمه من مستندات ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومن ثم يضحي النعي على غير أساس ، ولما كان المقرر أن دعوى الطرد للغصب من الدعاوي غير مقدرة القيمة لأن المشرع لم يضع قاعدة لتقديرها في المواد من 36 حتى 40 من قانون المرافعات ، ولأنها في حقيقتها دعوى إلزام بعمل هو الخروج من العقار ورده لصاحب الحق فيه ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويضحي النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس ، ولما كان المقرر أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الخبير المنتدب في الدعوى - وفقاً لما هو مبين بتقريره - قد أخطر الطاعن بمباشرة المأمورية وبمواعيد ما اتخذه من إجراءات وأنه حضر بإحدى الجلسات ولم يقدم الطاعن ما يثبت عدم وصول إخطار الخبير له ، مما يضحي النعي على غير أساس ، ومن ثم يكون الطعن قد أُقيم على غير الأسباب الواردة بالمادتين 248 ، 249 من قانون المرافعات ، وتأمر المحكمة بعدم قبوله عملاً بالمادة 263/3 من القانون ذاته.
(الطعن رقم 1028 لسنة 69 ق - جلسة 1 / 2 / 2020)