عقد الترخيص الاداري بشغل مسكن بسبب العمل لا يخضع لقانون ايجار الاماكن ويترتب علي نقل العامل او انتهاء صفته فسخ الترخيص بقوة القانون
((حيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعي الطاعن بصفته( رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمياط ) . بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه ، وفى بيان ذلك يقول : إن العقد سند الدعوى وفقاً لبنوده هو ترخيص إداري مؤقت بشغل مسكن بسبب العمل مما ينعقد الاختصاص ولائياً بنظر النزاع بشأنه لمحاكم القضاء الإداري المختصة دون القضاء العادي ، وإذ فصل الحكم في موضوع الدعوى بالمخالفة لقواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام ، فإنه يكون معيباً ، بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها ولائياً ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها ، أبدتها النيابة أم لم تبدها ، باعتبار أن هذه المسألة – وفى جميع الحالات – تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة ، وكان من المقرر أن المشرع وإن لم يحدد الأموال العامة – التي يكون تصرف السلطة الإدارية في انتفاع الأفراد بها على سبيل الترخيص المؤقت غير الملزم لها ، إلا أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو وعلى ما أورده نص المادة 87 من القانون المدني – التخصيص للمنفعة العامة ، هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً ، وأنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه ، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره أو تنظيمه ، وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد تخصيص العقار الواقع به العين محل النزاع للمنفعة العامة سواء بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار وزاري ، كما خلت مما يفيد اتصال الترخيص المؤقت المتعلق بتلك العين بتسيير أو تنظيم مرفق عام ، كما لم يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية ، ومن ثم يكون قد ورد على مال من الأموال الخاصة للجهة الطاعنة ، بما يخضعه لأحكام القانون الخاص ، وينعقد الاختصاص بنظر النزاع الناشئ عنه لجهة القضاء العادي دون القضاء الإداري ، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى متضمناً قضاؤه ضمناً باختصاص القضاء العادي ولائياً بنظرها ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته بباقي سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، وفى بيان ذلك يقول : إن الثابت بالبند التمهيدي والبند الثامن من الترخيص سند الدعوى أنه ترخيص مؤقت ومرتبط بشغل المطعون ضده لوظيفته بمدينة دمياط ومنح هذا المسكن للانتفاع به وتمكينه من أداء عمله ويعتبر لاغياً في حالة نقله خارج المدينة ، إلا أن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد خالف هذا النظر واعتبر الترخيص المنظم لعلاقة الطرفين بأنه عقد إيجار يخضع لقانون إيجار الأماكن ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1977 – في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والواردة في الباب الأول الخاص بإيجار الأماكن – على أنه لا تسري أحكام هذا الباب على : - أ المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت وغيرها من المساكن التي تشغل بسبب العمل ... يدل على أن المناط في عدم سريان أحكام الباب الأول من هذا القانون هو ثبوت أن تكون السكنى مردها رابطة العمل بين مالك العين – أو القائم عليها – وبين المرخص له بالسكنى فيها بسبب هذه الرابطة ، وذلك سواء أكان المسكن ملحقاً بالمرافق والمنشآت أم غير ملحق بها ما دام أن شغله كان بسبب العمل ، فإذا كان المنتفع بالمسكن من موظفي الحكومة ، فإنه يستوي أن يكون المكان من أملاك الدولة العامة أو الخاصة ، ولا يحق له التمسك بالحماية التي أسبغها المشرع – في قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية – على مستأجري الأماكن الخالية بشأن الامتداد القانوني للعقد ، كما أن من المقرر – أيضاً – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين منها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها ، وأن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من البندين التمهيدي والثامن من الترخيص سند الدعوى المؤرخ 20/5/1989 – المقدم صورة طبق الأصل منه رفق صحيفة الطعن – أن الطاعن بصفته قد رخص للمطعون ضده في الانتفاع بعين النزاع مقابل مبلغ 41,30جنيهاً شهرياً بصفته الوظيفية بسبب عمله بمركز معادن دمياط ، وأن هذا الترخيص مؤقت ومرتبط بشغل المطعون ضده لوظيفته العامة ، وقد منح له لتمكينه من أداء عمله على الوجه الأكمل ، وأنه في حالة نقله إلى أي جهة أخرى أو انتهاء صلته بالوظيفة العامة لأي سبب ، فإن ذلك الترخيص يعتبر لاغياً مفسوخاً من تلقاء نفسه ، فإن مفاد ذلك أن شغل المطعون ضده لعين النزاع كان بسبب عمله بمركز معادن دمياط ، ومن ثم فإن العلاقة بين طرفي العقد موضوع الدعوى لا تخضع لأحكام الباب الأول من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 وفقاً لنص المادة الثانية منه ، ويكون العقد موضوع الدعوى لا يعدو أن يكون ترخيصاً من الطاعن بصفته بشغل المطعون ضده لعين النزاع بسبب عمل الأخير بمدينة دمياط ، ولا يمكن اعتباره عقد إيجار بين طرفيه تحكمه قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية ، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الترخيص بشغل المطعون ضده لعين النزاع عقد إيجار وأخضعه لقوانين إيجار الأماكن ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ولما تقدم ، وكان موضوع الاستئناف رقم 2406 لسنة 39 ق المنصورة مأمورية دمياط صالح للفصل فيه ، فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .)
الطعن رقم 14695 لسنة 78 ق -جلسة 18 / 6 / 2022