الاختصاص بنظر
منازعات استرداد رسوم الخدمات الجمركية بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا في
القضية رقم 175 لسنة ٢٢ دستورية. هناك اتجاهان متعارضان:
الاتجاه الأول:
تختص جهة القضاء العادي بنظر منازعات استرداد رسوم الخدمات
الجمركية بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة ٢٢
دستورية. (حكم هيئة عامة)
حيث قضت محكمة النقض بأن:(المقرر- في
قضاء هذه المحكمة- أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات
المدنية والتجارية وكافة المنازعات التي لم تخرج عن دائرة اختصاصه بنص خاص، وأن أي
قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء
واردًا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد
نص في الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل في النزاع لجهة أخرى غير المحاكم،
فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيًا للقضاء العادي على أصل ولايته العامة. وكان النص في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١9٧٢ مؤداه أن محاكم مجلس الدولة هي صاحبة الولاية العامة في
المنازعات الإدارية سواء ما ورد منها على سبيل المثال بالمادة المشار إليها أو ما
قد يثور بين الأفراد والجهات الإدارية بصدد ممارسة هذه الجهات لنشاطها في إدارة
أحد المرافق العامة بما لها من سلطة عامة. وكان قضاء هده المحكمة قد استقر على أن القرار الإداري الذي لا
تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة
عليه هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة
بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكنا وجائزا قانونا وكان
الباعث عيه مصلحة عامة، فإن شابه عيب انحدر به إلي درجة الانعدام أصبح واقعة مادية
مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة
الولاية العامة بنظر كافة المنازعات. وكانت الرسوم -وفقًا لما قررته المحكمة الدستورية العليا- من
الفرائض التي تتأدى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضا عن
تكلفتها وإن لم يكن في مقدارها، وأنه ولئن كان للسلطة التشريعية تفويض السلطة
التنفيذية في تنظيم أوضاعها، إلا أن ذلك مشروط بأن يحدد القانون نوع الخدمة
والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التي لا يجوز تخطيها حتى لا تكون تلك
الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها. وانطلاقًا من هذا النظر قضت المحكمة الدستورية
العليا في القضية رقم 175 لسنة ٢٢ دستورية بتاريخ 5/9/٢٠٠٤ بعدم دستورية نص
الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة ١١١ من قانون الجمارك رقم 66 لسنة ١٩٦٣ الصادر
بقرار رئيس الجمهورية، وبسقوط الفقرة الثانية منها، وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم
٥٨ لسنة ١٩٦٣ والقرارين المعدلين له رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٥ ورقم ٢٥ لسنة ١٩٩٣ وكذا
قرار وزير المالية رقم 123 لسنة ١٩٩٤ والقرارين المعدلين له رقمي ١٢٠٨ لسنة ١٩٩٦
و٧٥٢ لسنة ١٩٩٧. وكان مفاد النص في المادتين ١٨١ و١٨٢ من القانون المدني- وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع أورد حلين يجوز فيهما للموفي أن يسترد ما أوفاه:
أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلا، وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء،
وفي هذه الحالة يلتزم المدفوع له بالرد إلا إذا نسب إلى الدافع نية القيام بتبرع
أو أي تصرف قانوني آخر .وثانيتهما: أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء
ثم يزول السبب الذي كان مصدرا لهذا الالتزام، ولا يتصور في هذه الحالة أن يكون
طالب الرد عالمًا وقت الوفاء بأنه غير ملتزم بما أوفى بما كان ملتزمًا به قانونًا،
وسواء تم الوفاء اختيارًا أو جبرًا فإن الالتزام بالرد يقوم بمجرد زوال السبب. وكانت المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير
المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء
كعمل قانوني ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية، وهي الواقعة التي يترتب عليها
إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هي ذاتها التي ينشأ عنها الالتزام برد
ما دفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادي، ولا
يغير من طبيعتها تلك أن يكون فد لابسها عنصر إداري أضفى عليها شكل المنازعة
الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب
بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهي الطبيعة المدنية
المحضة، إذ إنه لا عبرة بسبب الوفاء أيا كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا
تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان
الوفاء كعمل قانوني وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس
نشأة الالتزام في دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذي زال. وهو ما يترتب عليه، أن موضوع المنازعة الحالية - بطلب استرداد
مبالغ مالية دفعت بغير حق استنادا إلى نص قانوني قضي بعدم دستوريته لا يتصل بقرار
إداري ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة في نطاق اختصاص القضاء
العادي .ولا ينال من ذلك، ما ذهبت إليه أحكام الاتجاه الآخر
من اختصاص القضاء الإداري بنظر منازعات استرداد رسوم الخدمات الجمركية محل الطعن
استنادًا إلى ما ورد بأسباب الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في
دعويي التنازع سالفتي البيان، ومن ثبوت الحجية المطلقة لها، ذلك بأن الحجية
المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة إنما تثبت لأحكام المحكمة الدستورية
العليا في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير، أما الدعاوى التي ترفع إليها
للفصل في مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيد
حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتي قضاء، فإن دورها فيها- وعلى ما جرى به
قضاؤها- يقتصر على تحديد أي الجهات القضائية المتنازعة هي المختصة بالفصل في
النزاع، أو أي الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التي لها ولاية الحكم في النزاع
فيكون أولى بالتنفيذ، وهي بهذه المثابة لا يتوافر لها عينية الأثر، وإن ثبتت لها
الحجية المطلقة فإنما تثبت في نطاقها، أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزها إلى سواهم. لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة
قد ذهبت في قضائها إلى اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بطلب
استرداد رسوم الخدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، فقد رأت
الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون
السلطة القضائية المشار إليه آنفا، العدول عن هذا الرأي والأحكام التي اعتدت به،
وإقرار الأحكام التي استقر عليها قضاء هذه المحكمة والتي انتهت إلى أن المنازعة
بشأن رد رسوم الخدمات المحصلة استنادا إلى المادة ١١١ من قانون الجمارك رقم ٦٦
لسنة ١٩٦٣ وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضي بعدم دستوريتها، على نحو ما
سلف بيانه، هي منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادي صاحب الولاية
العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية.)
(حكم الهيئة العامة في الطعن رقم
11999 لسنة 89ق – نقض مدني- جلسة 28/12/2020)([1])
الاتجاه الثاني:
تختص جهة القضاء الإداري بنظر منازعات استرداد رسوم الخدمات
الجمركية بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة ٢٢
دستورية.([2]) (أحكام صادرة بعد حكم الهيئة العامة)
حيث قضت محكمة النقض بأن:(الطعن بالنقض
يعتبر واردًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام
العام، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من
الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه
باعتبار أن التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوعه. وكان النص في المادة
العاشرة من القرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على أن تختص محاكم
مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:...... (سادسًا) الطعون في
القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقًا
للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة، وكان المنوط به
تحديد كافة أحكام الرسوم الجمركية من عناصرها ومقوماتها ووعائها وسعرها والمكلف
بها والملزم بسدادها وحالات الإعفاء منها هو قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963-الذي
عدل تسميتها إلى الضريبة الجمركية- والقرارات الصادرة من الجهة الإدارية تنفيذًا
لأحكامه، فإن المنازعة في هذه القرارات تعد منازعة ذات طبيعة إدارية بحتة ينعقد
الاختصاص ولائيًا بنظرها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. يؤيد هذا النظر أن
المشرع في القانون الأخير وتعديلاته لم يعهد للقضاء العادي بنظر المنازعات
الضريبية الناشئة عن أحكامه على نحو ما انتهجه في بعض القوانين المنظمة لبعض أنواع
الضرائب الأخرى كقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة
1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005، وقانون الضريبة العامة على الدخل الصادر
بالقانون رقم 91 لسنة 2005، الأمر الذي حدا بالمحكمة الدستورية العليا إلى القضاء
في الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق دستورية المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 15 مكرر
(ب) بتاريخ 17 من أبريل 2013 بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص
الفقرة السادسة من المادة 35 من القانون الأول، وفي القضية رقم 70 لسنة 35 ق
دستورية المنشور بالجريدة الرسمية العدد 31 مكرر (ج) بتاريخ 2 من أغسطس 2015 بعدم
دستورية نص المادة (123) من القانون الثاني -وهى النصوص التي عقدت الاختصاص
للمحاكم الابتدائية بالفصل في المنازعات الضريبية الناشئة عن هذين القانونين- على
سند من أن القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب تعد
منازعات إدارية بحسب طبيعتها ينعقد الاختصاص بنظرها لمجلس الدولة دون غيره من جهات
القضاء، وأنه لا وجه للاعتداد في هذا الشأن بأن البند السادس من المادة العاشرة من
القانون الحالي لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص
رهنًا بصدور القانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة إذ
لم يخصها المشرع بقواعد إجرائية تستلزم صدور قانون خاص يحكمها استثناء من تلك التي
تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى المنوط بمجلس الدولة الفصل فيها، ولا يعد
مبررًا لإهدار هذا الاختصاص تراخي المشرع عن سن ذلك القانون، وقد أكدت المحكمة
الدستورية العليا هذا الاختصاص في حكمها الصادر في القضية رقم 10 لسنة 33 ق تنازع
- تنفيذ - بجلسة 12 يناير سنة 2014، فيما انتهت إليه من أن المنازعة المتعلقة بفرض
الرسوم الجمركية ذات طبيعة إدارية ينسحب عليها نص البند (سادسًا) من المادة
العاشرة من قانون مجلس الدولة وأنها تندرج ضمن الاختصاص المحدد للقضاء الإداري.
لما كان ذلك، وكانت المنازعة المطروحة تتعلق بتطبيق قانون الرسوم الجمركية، فإنها
تُعد منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة، ويكون لذي المصلحة
حق الطعن والمنازعة فيها أمام محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة. وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى، منطويًا بذلك على قضاء ضمني باختصاص
جهة القضاء العادى ولائيًا بنظرها، فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب
نقضه. ولما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى
ولائيًا بنظر الدعوى وباختصاص محاكم مجلس الدولة منعقدة بهيئة قضاء إدارى بنظرها.)
(الطعن رقم 5833 لسنة 76ق – نقض
مدني- جلسة 28/2/2022(
(الطعن رقم 15825 لسنة 85ق – نقض
مدني- جلسة 14/5/2022(
وقضت بأن:(النص في المادة الثامنة
في كل من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة والقرار بالقانون
رقم 55 لسنة 1959 في ذات الجهة القضائية- التي جاءت في صياغة واحدة- على أن يختص
مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المسائل الآتية ويكون له فيها
ولاية القضاء كاملة ........ (سابعًا) الطعون في القرارات النهائية الصادرة من
الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم. يدل على أن الاختصاص بنظر هذه الطعون
تقرر لمجلس الدولة– بدءًا من القانون الأول- باعتبارها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد
سار القرار بقانون رقم 47 لسنة ١٩٧٢ بشأن مجلس الدولة -والمعمول به حاليًا- على
النهج ذاته ليؤكد هذا الاختصاص بنصه في المادة العاشرة منه على أن تختص محاكم مجلس
الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: ..... (سادسًا) الطعون في القرارات
النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون
الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة. لما كان ذلك، وكان المنوط به
تحديد كافة أحكام الرسوم الجمركية من عناصرها ومقوماتها ووعائها وسعرها والمكلف
بها والملزم بسدادها وحالات الإعفاء منها هو قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963- الذي
عدَّل تسميتها إلى الضريبة الجمركية- والقرارات الصادرة من الجهة الإدارية تنفيذًا
لأحكامه، فإن المنازعة في هذه القرارات تُعد منازعة ذات طبيعة إدارية بحتة ينعقد
الاختصاص ولائيًا بنظرها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره قاضيها
الطبيعي، يؤيد هذا النظر أن المشرع في القانون الأخير وتعديلاته لم يعهد للقضاء
العادي بنظر المنازعات الضريبية الناشئة عن أحكامه على النحو الذي انتهجه في بعض
القوانين المنظمة لبعض أنواع الضرائب الأخرى كقانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة ٢٠٠٥، وقانون
الضريبة العامة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة ٢٠٠٥، الأمر الذي حدا
بالمحكمة الدستورية العليا القضاء في الدعوى رقم ١٦٢ لسنة 31 ق دستورية المنشور في
الجريدة الرسمية بالعدد 15 مكرر (ب) بتاريخ 17 من إبريل ٢٠١٣ بعدم دستورية نص
الفقرة الأخيرة من المادة (١٧) ونص الفقرة السادسة من المادة 35 من القانون الأول،
وفي القضية رقم 70 لسنة 35 ق دستورية المنشور بالجريدة الرسمية العدد 31 مكرر (ج)
بتاريخ ٢ من أغسطس ٢٠١٥ بعدم دستورية نص المادة (١٢٣) من القانون الثاني- وهي
النصوص التي عقدت الاختصاص للمحاكم الابتدائية بالفصل في المنازعات الضريبية
الناشئة عن هذين القانونين- على سند من أن القرارات النهائية الصادرة من الجهات
الإدارية في منازعات الضرائب تُعد منازعات إدارية بحسب طبيعتها ينعقد الاختصاص
بنظرها لمجلس الدولة دون غيره من جهات القضاء وأنه لا وجه للاعتداد في هذا الشأن
بأن البند السادس من المادة العاشرة من القانون الحالي لمجلس الدولة رقم 47 لسنة
١٩٧٢ جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون الذي ينظم كيفية نظر
هذه المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة إذ لم يخصها المشرع بقواعد إجرائية تستلزم
صدور قانون خاص يحكمها استثناءً من تلك التي تخضع لها سائر المنازعات الإدارية
الأخرى المنوط بمجلس الدولة الفصل فيها، ولا يعد مبررًا لإهدار هذا الاختصاص تراخي
المشرع عن سن ذلك القانون، وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا هذا الاختصاص في
حكمها الصادر في القضية رقم 10 لسنة 33 ق تنازع- تنفيذ- بجلسة ١٢ يناير سنة ٢٠١٤
بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم ٢٢٩٤ لسنة 59
قضائية إداري الإسكندرية، دون الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية- المؤيد
استئنافيًا- في الدعوى رقم ١٣١٢ لسنة ١٩٩٩ تجاري كلي متبعة في أسبابها النهج ذاته
من أن المنازعة المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية التي فصل فيها هذان الحكمان محل
التناقض ذات طبيعة إدارية ينسحب عليها نص البند (سادسًا) من المادة العاشرة من
قانون مجلس الدولة وتندرج ضمن الاختصاص المحدد للقضاء الإداري. كما أكدته أيضًا في
الحكمين الصادرين في الدعويين رقمي ٢٤ لسنة 39 قضائية تنازع، 3 لسنة 38 قضائية
تنازع بجلستي 2/3/2019، 6/7/2019 باختصاص مجلس الدولة بتحديد مقدار الرسوم
الجمركية ورسوم الخدمات التي تفرضها مصلحة الجمارك وأنه بحكم الدستور القائم والذي
أناط بالمحكمة الدستورية العليا الاختصاص في تنازع الأحكام النهائية المتنازعة
المتناقضة وجعل أحكامها ملزمة للكافة وسلطات الدولة ولها حجية مطلقة بالنسبة لهم
إعمالًا للمادتين ١٩٢، ١٩٥ منه. لما كان ذلك، وكانت المنازعة التي فصل فيها الحكم
المطعون فيه تتعلق بطلب رد رسوم الخدمات التي حصلتها مصلحة الجمارك بدون وجه حق
ومن ثم تعد منازعة إدارية بطبيعتها تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة،
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفصل في الدعوى المطروحة بالمخالفة لقواعد
الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما
يوجب نقضه. وحيث إنه لما كانت المادة ٢٦٩/١ من قانون المرافعات تنص على أنه إذا
كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في
مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها
بإجراءات جديدة، ولما سلف فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص
القضاء العادي ولائيًا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محاكم مجلس الدولة منعقدة بهيئة
قضاء إداري المختصة بنظرها طبقًا لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية
وغيرها بمحكمة النقض الصادر بتاريخ ٢٤ من يونيو سنة ٢٠١٤ في الطعن رقم ٢٠٥٠ لسنة
74 ق هيئة عامة.)
(الطعن رقم 18331 لسنة 76ق – نقض
مدني- جلسة 19/12/2021)
كما قضت بأن:(الطعن بالنقض يعتبر
واردًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام، وكان
الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة
بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه باعتبار أن
التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوعه، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد
خلصت في قضائها الصادر في الدعوى رقم 3 لسنة 38 ق "دستورية" بتاريخ 6 من
يوليو سنة 2019 المنشور في الجريدة الرسمية العدد 27 مكرر "ط" بتاريخ 10
من يوليو سنة 2019 إلى أن المرجع في تحديد مقدار الرسوم الجمركية ورسوم الخدمات التي
تقدمها مصلحة الجمارك، وعناصرها، ومقوماتها والسلع الخاضعة لها، والملتزمين
بسدادها، هو قانون هذه الرسوم، والقرار الصادر من الجهة الإدارية تنفيذًا لأحكامه،
وانتهت إلى أن المنازعة في هذا القرار تعد منازعة إدارية بطبيعتها تندرج ضمن
الاختصاص المحجوز للقضاء الإداري، باعتباره صاحب الولاية العامة في الفصل في كافة
المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى. وإذ صدر دستور سنة 2014- القائم- ونشر في
الجريدة الرسمية بالعدد 3 مكرر (أ) في 18 يناير سنة 2014 ونص في المادة (195) منه
على أن "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة
الدستورية العليا، وهى ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة
بالنسبة لهم". مما مؤداه أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في دعوى
التنازع سالف البيان له حجية مطلقة وتلتزم المحاكم بكافة أنواعها ودرجاتها بإعمال
أثره. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى مما يعد قضاءً ضمنيًا
باختصاص القضاء العادي بنظرها فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.)
(الطعن رقم 17042 لسنة 80ق – نقض
مدني- جلسة 18/3/2021(
(1) بعد صدور حكم الهيئة العامة صدرت
العديد من الأحكام في هذا الاتجاه، منها الطعون أرقام: 12036 لسنة 81ق – جلسة
21/2/2022، 8668 لسنة 86ق - جلسة 16/6/2021، 2895 لسنة 81ق - جلسة 17/3/2021،
16841 لسنة 84ق - جلسة 6/3/2022، 17618 لسنة 90ق - جلسة 20/10/2021، 16043 لسنة
84ق - جلسة 26/9/2021، 12864 لسنة 76ق - جلسة 8/7/2021، 4235 لسنة 80ق - جلسة
18/2/2021.
(2)
يتفق
هذا الاتجاه مع الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في العديد من دعاوى
التنازع الخاصة بهذه الرسوم، والتي جاء فيها أن:(المرجع في تحديد مقدار
الرسوم الجمركية، ورسوم الخدمات التي تقدمها مصلحة الجمارك، وعناصرها ومقوماتها،
والسلع الخاضعة لها، والملتزمين بسدادها، هو القانون المقرر لهذه الرسوم، والقرار
الصادر من الجهة الإدارية تنفيذًا لأحكامه، فإن المنازعة في هذا القرار تعد منازعة
إدارية بطبيعتها تندرج ضمن الاختصاص المحدد للقضاء الإداري، باعتباره صاحب الولاية
العامة في الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي.) الطعون أرقام: 20 لسنة 38 قضائية "تنازع" – جلسة
5/1/2019، 3 لسنة 38 قضائية "تنازع" – جلسة 6/7/2019، 24 لسنة 39 قضائية
"تنازع" – جلسة 2/3/2019.
ومن
الجدير بالذكر: أن المحكمة الدستورية العليا قد قررت بأن:(المشرع الدستوري
في الدستور القائم اعتمد مبدأ الحجية المطلقة لجميع احكام المحكمة الدستورية
العليا وقراراتها ولم يقصره على الأحكام التي تصدر في الدعاوى الدستورية وطلبات
التفسير التشريعى مغايرا بذلك منهجه في دستور 1971 وما تلاه من وثائق دستورية أيًا
كان مسماها أو طبيعتها من حيث التأقيت أو الاستمرار) حكم المحكمة الدستورية في
الدعوى رقم 42 لسنة 37 ق - منازعة تنفيذ - جلسة 27/11/2015.