الأصل أن تقدير التعويض يتم بمعرفة القاضي أو باتفاق
المتعاقدين، أما الاستثناء فقد حدد المشرع الفوائد المستحقة كتعويض عن التأخير عندما
يكون محل الالتزام مبلغًا معلومًا من النقود، وقرر لها حدًا أقصى لا يجوز تجاوزه،
وشروطًا تتعلق بتاريخ استحقاقها، ومنع تقاضي فوائد على متجمد الفوائد، ووقف بمجموع
الفوائد التي يتقاضاها الدائن عن أن تُجاوز رأس المال.
حيث قضت محكمة النقض بأن:(النص
في المادة ٢٢٦ من القانون المدني على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغًا من
النقود، وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزمًا بأن
يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل
المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية. وتسري هذه الفوائد من تاريخ
المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخًا آخر لسريانها،
وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره". مما مفاده أن المشرع واستثناءً من
القواعد العامة في تقدير التعويض-والذي يتم بمعرفة القاضي أو باتفاق المتعاقدين-
تكفل بتقديره مقدمًا-عندما يكون محله مبلغًا معلومًا من النقود وتأخر المدين في
سداده- وذلك في صورة فوائد حدد لها حدًا أقصى لا يجوز تجاوزه، كما حدد لها شروطًا
تتعلق بتاريخ استحقاقها، والمطالبة الصريحة بها، كما منع تقاضي فوائد على متجمد
الفوائد، ووقف بمجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن عن أن تجاوز رأس المال، وذلك
كله دليل على مناهضته للمغالاة فيها، وبوضعه قيودًا عليها للحيلولة دون استغلال
الحاجة المادية للمدين وموازنتها مع مصلحة الدائن بحثه لمدينه على أداء دينه،
ويضحى من غير المتصور- بعد هذه الدلالات من المشرع- أن يتوسع في تفسير نص هذه
المادة بأن يشمل النقود كعملة في هيئتها الملموسة، وكمقياس ومستودع للقيمة، ووسيلة
لتقييم الأشياء، مع ما يقوم مقامها من أدوات وفاء، فهي هنا محل للالتزام، ودون
الأخذ في الاعتبار بمصدر هذا الالتزام، ومما تكون معه الشيكات، وإن كانت في الأصل–
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– أداة وفاء، إلا أنه لا يجوز التوسع في هذا
المفهوم للشيكات؛ إذ إن سحب الشيك لا يعد مبرئًا لذمة ساحبه، فلا ينقضي به
الالتزام إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد، مما يكون معه وفاء
الدين بالشيك وفاء معلقًا على شرط التحصيل، فلا يستحق عنها فوائد تأخيرية إلا عند
التقدم بصرفها وعدم تحصيل قيمتها، فيستحق من هذا التاريخ الفوائد التأخيرية؛ ذلك
أن الفوائد هي تعويض للدائن عن احتباس ماله من التداول. ولما كانت الشيكات محل
النعي لم يتم التقدم لتحصيلها، فلا يستحق عنها أية فوائد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه
هذا النظر، فإنه يكون معيبًا- في هذا الخصوص– بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه،
مما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا فيما قضى به من فوائد على الشيكات.)
(الطعن رقم ١٦٠٦٩ لسنة
٨٦ق– نقض مدني- جلسة 21/2/2022)