القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل لا تستنفد به محكمة اول درجة ولايتها
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز لمحكمة النقض - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لم يشمله الطعن ، وأن مبدأ التقاضي على درجتين من المباديء الأساسية للنظام القضائي لا يجوز للمحكمة مخالفته ، كما لا يجوز للخصوم النزول عنه ، وتتصدى له محكمة النقض من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام فيكون حكم محكمة الاستئناف مخالفاً للقانون إن هو تصدى للموضوع وترتب على تصديه الإخلال بهذا المبدأ ، وأن مؤدى نص المادة 115 من قانون المرافعات أن الدفع بعدم قبول الدعوى الذي تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر الدعوى والذي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى هو الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيه ولانقضاء المدة المحددة في القانون لرفعها ، ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ، ولا بالدفع المتصل بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى ، فإنه حيث يتعلق الأمر بإجراء أوجب القانون اتخاذه حتى تستقيم الدعوى ، فإن الدفع المبني على تخلف هذا الإجراء يُعد دفعاً شكلياً ، ويخرج عن نطاق الدفع بعدم القبول الوارد في المادة 115 سالفة الذكر ، متى انتفت صلته بالصفة أو المصلحة في الدعوى أو الحق في رفعها دون اعتداد بالتسمية التي تطلق عليه ، لأن العبرة في تكييف الدفع بحقيقة جوهره ومرماه ، وهو بهذه المثابة لا تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها في نظر الموضوع بالحكم بقبوله ، مما يتعين معه على محكمة الاستئناف إذا ألغت هذا الحكم أن تعيد الدعوى إليها لنظر موضوعها لأنها لم تقل كلمتها بعد ولا تملك المحكمة الاستئنافية التصدي للموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجتي التقاضي على الخصوم . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة تأسيساً على أن الطاعن لم يقم باختصام جميع شاغلي عقار التداعي ، وهو قضاء شكلي لا تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها في نظر موضوع الدعوى لأنها لم تقل كلمتها فيه ، فاستأنف الطاعن منفرداً هذا الحكم وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وبرفض الدعوى على سند من أن مورث المطعون ضدهم بالبند (1) ومورثه من قبله كان يضع اليد على عقار التداعي بسند من القانون وليس غصباً أخذاً بما ورد بتقرير الخبير وكان هذا القضاء هو في حقيقته قضاءً بإلغاء الحكم المستأنف وتصدياً من محكمة الاستئناف لموضوع الدعوى ، في حين أنه كان يتعين عليها أن تُعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها ، حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على الخصوم ، والذي هو من المباديء الأساسية للنظام القضائي المتعلقة بالنظام العام ، والتي لا يجوز للمحكمة مخالفتها ، ولا يجوز للخصوم النزول عنها ، أما وأنها لم تفعل ، فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه بتصديه للفصل في موضوع الدعوى رغم أن قضاء محكمة أول درجة قضاءً شكلياً لم تستنفد به ولايتها في الموضوع على النحو السالف بيانه يكون قد سوَّءَ مركز الطاعن وأضرَّه بالاستئناف الذي قام هو وحده برفعه ، بعد أن قضى في موضوع الدعوى برفضها ، مخالفاً بذلك قاعدة ألا يُضار الطاعن بطعنه ، وهي قاعدة أصلية من قواعد التقاضي التي تحكم جميع طرق الطعن بما فيها الطعن بالنقض ، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه ، ولا محل من بعد لبحث أسباب الطعن .
أحكام النقض المدني - الطعن رقم 205 لسنة 89 ق - جلسة 16 / 7 / 2020