وقف تقادم دعوي التعويض حال قضاء المحكمة الجنائية باحالة الدعوي المدنية للمحكمة المدنية المختصه
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بأن دعواهم المدنية التي أقيمت أمام المحكمة الجنائية قضي بإحالتها إلى المحكمة المدنية ولم يقض فيها بما يوقف سريان التقادم في حقهم ، وأن تابع المطعون ضده قد طعن بالنقض على الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم 19453 لسنة 1996 جنح العمرانية مما يوقف سريان التقادم ولا يبدأ مجدداً إلا من تاريخ صدور الحكم في الطعن ، وأن المطعون ضده لم يقدم ما يفيد علمهم بصدوره قبل تاريخ رفع دعواهم ، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك واحتسب بداية التقادم من تاريخ صدور الحكم في الطعن بالنقض وقضى بسقوط حقهم في رفع دعواهم بالتقادم الثلاثي مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه حسب محكمة الموضوع أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من وقف أو انقطاع ، وأن تقدر ولو من تلقاء نفسها وقف التقادم أو انقطاعه إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه إذ إن حصول شيء من ذلك يحول دون اكتمال مدة التقادم ، كما أنه من المقرر أنه وإن كان للمتبوع أن يتمسك قبل المضرور بالدفوع التي كان يمكن أن يتمسك بها التابع قبل المضرور باعتبار أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون تقوم على فكرة الضمان القانوني ، فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد ، إلا أن ذلك شرطه أن يكون الدفع صحيحاً مقبولاً فيما لو أُبدي من التابع بنفسه ، فإذا كان حق المضرور قائماً قبل التابع ولم يسقط بالتقادم في تاريخ مطالبة المتبوع للمضرور فليس للأخير أن يتمسك قبله بهذا الدفع ، وكان من المقرر أيضاً وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المادة 172 من القانون المدني إذ تنص على (1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع ( 2 ) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة فإن الدعوى بالتعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية ، وكان مؤدى ذلك أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية . فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية بحكم القانون أو باختيار المضرور فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انفصلت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة الجنائية بسبب آخر، فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعًا قانونياً في معنى المادة 382 فقرة أولى من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض ... ، كما أنه من المقرر أن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع المقرر وفقًا لنص المادة 172 من التقنين المدني هو العلم الحقيقي بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه ، لأن انقضاء ثلاث سنوات من يوم ثبوت هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول ، بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه ، مما مقتضاه أنه على من يدعي بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي أن يقيم الدليل على علم المضرور بالخطأ والضرر وشخص المسئول عنه ، وأنه لا وجه للتلازم الحتمي بين تاريخ وقوع الضرر وبين تاريخ علم المضرور، كما أنه لا وجه لربط علم المضرور بصدور قرار حفظ النيابة العامة للمحضر المحرر عن الحادث ، ذلك أنه من المبادئ الأساسية في التشريعات الإجرائية مدنية أو جنائية أنه لا يجوز افتراض توافر علم الشخص بأي إجراءٍ من شأنه ترتيب آثار قانونية في حق من لم يُتخذْ الإجراءُ في مواجهته ولم يُعلنْ إليه بالطريق الذي رسمه القانون ، أو افتراض علمه بقرارٍ صادرٍ في غير مواجهته ولم يُعلنْ إليه قانونًا ، لأن الأصل لا تكليف إلا بمعلومٍ ، ومن ثم فإنه ممَّا يتجافى مع المنطق القانوني ، افتراض علم المضرورين بالقرار الصادر بحفظ الأوراق ، رغم أنهم لم يكونوا طرفًا أو أعلنوا به ، كما أن النص في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية على أن " لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة طبقاً للمادة 275 ، ولا يقبل منه ذلك أمام المحكمة الاستئنافية ويحصل الادعاء مدنياً بإعلان المتهم على يد محضر، أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى ، إذا كان المتهم حاضراً وإلا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته إليه . فإذا كان قد سبق قبوله في التحقيق بهذه الصفة ، فإحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية ، ولا يجوز أن يترتب على تدخل المدعى بالحقوق المدنية تأخير الفصل في الدعوى الجنائية وإلا حكمت المحكمة بعدم قبول دخوله " . وفي المادة 253/ 2 على أن " ويجوز رفع الدعوى المدنية أيضاً على المسئولين عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم " وفي المادة 258 مكرراً من ذات القانون على أن : " يجوز رفع الدعوى المدنية قبل المؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجنائية . وتسري على المؤمن لديه جميع الأحكام الخاصة بالمسئول عن الحقوق المدنية المنصوص عليه في هذا القانون " وفي المادة 266 على أن " يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون " يدل على أن المشرع أباح استثناء من القاعدة العامة برفع دعاوى الحقوق المدنية أمام المحاكم المدنية رفع هذه الدعاوى أمام المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المنسوب إلى المتهم والمكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية ، كما أجاز اختصام المسئول عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم والمؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة على أن يتبع في رفع هذه الدعاوى والفصل فيها أمام القضاء الجنائي الإجراءات المقررة لذلك في قانون الإجراءات الجنائية ولو تعارضت مع ما يقابلها من قانون المرافعات الذي لا تطبق أحكامه إلا تداركاً لنقص في القانون الواجب التطبيق ، ومن ثم فإن الدعوى المدنية تكون مقبولة أمام المحكمة الجنائية متى اكتملت شرائط رفعها لديها حتى إذا ما أحالتها هذه المحكمة إلى المحكمة المدنية للفصل فيها لسبب قدرته فإنها تتصل بالمحكمة المدنية قانوناً بمقتضى تلك الإحالة دون حاجة إلى سلوك الطريق الذي حددته المادة 63 من قانون المرافعات ويبقى لها كافة الآثار المترتبة على رفعها ومنها قطع التقادم حتى يفصل فيها أو تنقضي بأي الحالات التي حددها القانون . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون قد تمسكوا بعدم سقوط الحق في رفع دعواهم بالتقادم وذلك كأثر لدعواهم المدنية التي أحالتها المحكمة الجنائية للمدنية ولم يُقض فيها ، إلا أن الحكم المطعون فيه قد رفض دفاعهم بقوله " بأن دعواهم المدنية قضي بإحالتها إلى المحكمة المدنية ولم يثبت للمحكمة صدور حكم فيها بالتعويض المؤقت حتى يمكن اعتباره ديناً يسقط بخمس عشرة سنة " ، وانتهى إلى أن " الجنحة سند الدعوى قد قضي في الطعن بالنقض فيها بتاريخ 11/ 12/ 2002 وقد أقام الطاعِنِين دعواهم الماثلة بتاريخ 22/ 11/ 2011 ومن ثم يبداً سريان التقادم من ذلك الوقت " ، دون أن يبحث ما اعتري التقادم الذي دفع به المطعون ضده من وقف أو انقطاع ، والتفت عن أثر الدعوى المدنية المحالة من المحكمة الجنائية إلى المحكمة المدنية في وقف سريان التقادم حتي يقضي فيها أو يدفع المطعون ضده بسقوطها ، وقضي بسقوط حق الطاعِنِين في رفع الدعوى بالتقادم مفترضاً علمهم بالحكم الصادر في الطعن بالنقض دون أن يكونوا طرفاً فيه ودون أن يقدم المطعون ضده الدليل على علمهم بالحكم الصادر فيه ، مما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
أحكام النقض المدني - الطعن رقم 6222 لسنة 85 ق - جلسة 20 / 3 / 2021